للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بالنسبة للقطاع الخاص فإنه محروم في الغالب ولا سيما الشركات المساهمة من مزايا التمويل الإسلامي بالمضاربة وذلك رغم أن هذه الشركات تستطيع أن تضرب أحسن المثل في العمل بالمال على أساس المشاركة بالأرباح والخسائر. فالشركات المساهمة لها سجلات منتظمة وتسير على نظام معلن وتخضع حساباتها للتدقيق الداخلي والخارجي.

وقد آن الأوان ليدخل في قانون الشركات فصل جديد بعنوان (أدوات التمويل الإسلامي) وفي مقدمتها سندات القرض. ومن البديهي أن يتنوع إصدار هذه السندات بحسب طبيعة عمل الشركة المساهمة ومجال نشاطها التجاري أو الصناعي أو الزراعي. . . إلخ.

والمهم في ذلك كله أن تكون هذه الأدوات – سواء للقطاع العام أو الخاص – خاضعة للتنظيم القانوني المناسب، وذلك حتى تحفظ حقوق الناس. وذلك أن عدم وجود الضوابط الكافية يفتح الباب لسوء الاستغلال، وتضيع حقوق المستثمرين والمواطنين.

الفرع الثاني – سندات المشاركة:

الشركة في الفقه الإسلامي – كما عرفتها مجلة الأحكام العدلية – هي " اختصاص ما فوق الواحد من الناس بشيء وامتيازهم بذلك الشيء" (١) .

وتختلف المشاركة عن المضاربة رغم اتحاد جنس المشاركات بوجه عام. فالمشاركة تبقي اليد في التصرف في مال الشركة لكل الشركاء، بينما ترفع المضاربة يد رب المال عن التصرف في ماله، وتضع عبء العمل كله في يد العامل ليكون صاحب حق في الربح بفضل ما يقدمه من الجهد.

وتكون السندات الصادرة هي رأس المال المستخدم في إنشاء المشروع أو امتلاكه إذا كان موجودًا، ويكون لكل إصدار هيئة منتخبة من المكتتبين، حيث تتولى الإشراف على إنشاء المشروع، وقبض نصيب الممولين، وتوزيع حصص الإيراد، ومتابعة انتقال ملكية السند من شخص إلى آخر.

والمشاركة هنا قد تكون مشاركة مستمرة مثل: سندات إنشاء المرافق الدائمة الاستعمال كالطرق الرئيسية والموانئ البحرية والمطارات الدولية والمباني الحكومية بما فيها المدارس والمستشفيات والجامعات، وكذلك مشاريع القطاع الخاص، كما قد تكون المشاركة مرتبة على أساس التناقص المتدرج. ولعل أبرز مثال لذلك هو مثال الأرض الوقفية، حيث يمتنع تمليك أراضي الأوقاف للغير مع وجود الحاجة لإعمارها.

وهنا يمكن أن يؤدي نظام المشاركة المتناقصة دورًا حيويًّا حيث يتم الإعلان المسبق عن طبيعة الإيراد السنوي الموزع وأنه يمثل عنصرين:

العنصر الأول – بمثابة إيراد لصاحب السند.

والعنصر الثاني – بمثابة تسديد لجزء من رأس المال المدفوع.

فإذا تحقق من المبنى الوقفي دخل صاف بقيمة (٢٠٠.٠٠) دينار بحريني مثلاً، وكان الاتفاق المعلن عند الاكتتاب الجاري هو أن (٣٥ %) من الداخل يعتبر إيرادًا والباقي هو تسديد لأصل رأس المال، فإن صاحب السند بمائة دينار من أصل الاكتتاب الكلي بمليون دينار يأخذ عشرين دينارًا يكون منها (٧) دنانير كإيراد و (١٤) دينار كتسديد من رأس المال. وبذلك تصبح قيمة السند الاسمية للسنة التالية (٨٦) دينارًا. . . وهكذا إلى أن تنتهي السندات جميعًا بالإطفاء التدريجي حيث يعود المبنى الوقفي بكامله ملكًا للوقف بأرضه وبنائه.


(١) انظر: علي حيدر، درر الحكام شرح مجلة الأحكام: ٣ / ٢، تعريب: فهمي الحسيني، بيروت، مكتبة النهضة، دون تاريخ، المادة ١٠٤٥ من مجلة الأحكام العدلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>