وإن أولى الجهات بفتح باب الأدوات التمويلية الإسلامية هي ولا شك الحكومات في مختلف دول العالم الإسلامي حيث توجد الحاجة لسد احتياجات المرافق العامة وتوسيعها وتطويرها، كما أنه بالمقابل هناك باب للتوفير في أعباء خدمة الديون المتمثلة في هذه الفوائد الربوية التي تتحملها خزينة الدولة وهي تحملها بالتالي للمكلفين من دافعي الضرائب.
ففي الأردن – على سبيل المثال – وصل الدين العام الداخلي حسب التقرير السنوي الثالث والثلاثين المنشور من البنك المركزي الأردني الصادر في أبريل ١٩٩٧م مقدار (٩٩٤.٦) مليون دينار أردني مع نهاية عام ١٩٩٦م. بينما وصل الدين العام الداخلي في مصر حسب تقرير المجلة الاقتصادية الصادرة عن البنك المركزي المصري عام ١٩٩٧م مقدار (١٧٠.١٨) مليار جنيه مصري حتى نهاية يونيو ١٩٩٧م.
ويمثل إصدار السندات التمويلية الإسلامية بحكم تكييفها الفقهي بابًا من أبواب الترشيد والتخصيص، حيث يصبح المشروع الممول واقعًا تحت المحاسبة لتقدم إدارته البيانات المالية السنوية لمالكي السندات، ولا تعوم المشروعات تحت غطاء التسيب الإداري. كما أن وجود المشاركة الجماهيرية وتفاعلها مع واجب التمويل والتعاون مع الحكومة للبناء وتطوير المشروعات يعمق مفهوم المواطنة والتعاون الإيجابي بين الحاكم والمحكوم.
أما على صعيد الاقتصاد الكلي، فإن قيام أسواق رأس المال الإسلامي ووجود الأدوات الإسلامية للتمويل سواء على الصعيد الوطني أم على مستوى العالم الإسلامي؛ إنما يمثل الوسيلة التي لا يستغني عنها لحفظ الأموال الإسلامية من التسرب إلى خارج الديار.
ومن ذلك يتبين أن إيجاد البديل الإسلامي ل سندات القرض يساعد على تعميق التفاعل الإيجابي بين الشعوب الإسلامية وحكوماتها كما يحفظ الأموال الإسلامية من الضياع واستمرار حرمان البلاد من ثمرات كدح أبنائها.
فهل يستجيب المخلصون من أبناء الأمة الإسلامية لإيجاد نظام شامل ومتكامل للأدوات الإسلامية في التمويل الحلال؟
هذا ما ندعو الله أن يوفق المسلمين إليه ليكونوا جديرين بحمل الرسالة ويصبحوا كما قال الله – سبحانه وتعالى – فيهم:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} صدق الله العظيم.