الشيخ محمد المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهمَّ صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛
فإني أريد أن أقسم تدخلي إلى قسمين:
القسم الأول: أتوجه به إلى الأمانة العامة في ناحية تنظيمية ذلك أن العارض له مهمتان، المهمة الأولى هي أن يستوعب البحوث فهمًا وتدقيقًا وتتبعًا.
والمهمة الثانية: أن يبلغ ما وصل إليه إلى السادة المشاركين في المؤتمر. وهذا يقتضي أن يكون له من الوقت ما يكفيه لهذا التأمل وللتتبع وللتثبت من النصوص الواردة، ولذا أقترح على الأمانة العامة أن يكون أجل تقديم البحوث هو كأجل طيران الطائرة، فمن جاء بعد الوقت بحقائبه انتظر الدورة القادمة. هذا أولاً.
ثانيًا: أرجو أن تكون الطريقة في المستقبل هو أن العارض بعد أن يستوعب البحوث المقدمة أن يلخصها تلخيصًا محكمًا كما استمعنا إليه، وان يقدم للأمانة العامة هذا العرض مكتوبًا ليوزع علينا، لأن طاقة الاستيعاب مع السرعة قد يختلف بعضنا عن بعض، وقد أكون أبطأ من غيري ولكني في الحقيقة ما استطعت أن أستوعب كل ما استمعت إليه حتى نتمكن بعد ذلك من المناقشة في نظري على أساس فهم واضح وجلي.
القسم الثاني: هو ناحية موضوعية فيما قدم إلينا.
الأمر الأول: وقع التعرض إلى الفقه المالكي وأريد أن أذكر نفسي أن مصطلح المالكية ولا بد من معرفته للولوج إلى الفقه المالكي هو أنه هناك مصطلحان، مصطلح بيع الدين، فإذا قيل بيع الدين فهو لغير من هو عليه، وإذا كان بيع الدين للمدين فهو اختلاط. ولذلك إذا لم يفصل بين النوعين ووقع تعميم أحد البابين على الآخر وقع الخطأ في الفهم وهذا ما وقع فعلاً.
الأمر الثاني: هو أن ضابط بيع الدين لغير من هو عليه، هذا الضابط في بيتين ذكرهما ابن عاصم مع الدقة فقال:
" بما يجوز بيع الدين " أي أن الشرط الأول أن بيع الدين هو بيع فلا بد من مراعاة شروط البيع فيه، ثم بعد ذلك هناك خصوصيات لبيع الدين زائد على مطلق البيع في بيع الدين. فهنا بما يجوز بيع الدين مسوغ من عرض أو من عينه وإنما يجوز مع حضور من أقر الدين وتعجيل الثمن وكونه ليس طعام بيع وبيعه بغير جنس المرعي. فإذا وصلنا إلى كلمة (بيعه بغير جنسه) ذهب كثير من التداخلات التي بنيت على عدم النظر إلى هذا الشرط الأساس في بيع الدين لغير من هو عليه.
الأمر الثالث: هو أنني تتبعت الحلول الذكية من فضيلة العلامة القاضي تقي الدين العثماني، الذي أكرمه الله ببصيرة نافذة يستطيع أن يتجاوز بها ما هو مكتوب في عصور خاصة إلى تطبيقه على عصورنا الحاضرة لتكون حلولاً لها.
ومع تقديري لما قدم فإني أتساءل حول بعض هذه الحلول.
يقول: " والطريق المشروع للحصول على هذا الغرض بالوجه الذي لا غبار عليه كالمشاركة". وكلمة المشاركة كلمة فضفاضة فأريد تدقيقها، أيعني بذلك أن تكون مضاربة أو تكون مشاركة وأي نوع من أنواع المشاركة؟ وما هو إسهام المشارك هنا في رأس المال؟ فالتوضيح هنا لا بد منه حتى يكون الوضوح في الحل الذي بيننا.
أما الطريق الثاني الذي اقترحه فهو إن كان فقهيًا لا غبار عليه إلا أن حسب ما أعلم في قوانين البنوك: البنوك لا تدخل في المتاجرة. فهذا الحل حسب علمي في منع البنوك من المتاجرة لا أدري أيعطينا حلاً أم لا؟
الطريق الثالث: هو هل الوكالة على التحصيل الفعلي، أو على المجهود المبذول سواء أكان منتجًا أم غير منتج؟ وإذا تبين أن منتج الكمبيالة عديم فالبنك قد قام بعملية قد أقرض وقام بعملية لا تحقق له ربحًا بل خسارة. فهذه المخاطرة بهذا النوع مع ما نعلمه من أن البنوك إنما تأخذ كل الاحتياطات، هل هذا حل عملي؟ سيادته قطعًا هو على اتصال بالبنوك ويستطيع أن يعطينا زيادة بيانات.
في الصفحة الأخيرة من بحثه مقترح جيد، وهو أن الدولة تدعو الناس وتثير فيهم وطنيتهم وأريحتهم ليقرضوا الدولة للقيام بمشاريعها، أو لشراء التجهيزات الضرورية لنمائها. ههنا يقول: ثم إنها ترد لهم ما اقترضته منهم وتعفيهم من الضرائب وبرر ونظر في الدولة كيف يجوز لها أن تعفي من الضرائب الذين أقرضوها للقيام بالمشاريع العامة؟ هذا بالنسبة للدولة حل المشكل في نظره في التمييز بين المواطنين الذين يقرضون الدولة وغيرهم، لكن يبقى القسم الثاني وهو الذي يعطي المال ويقرض الدولة وينال جزاءً عن ذلك من طرح الضرائب التي حسب علمي أنها تصل إلى (٥٠ %) في بعض الدول و (٣٠ %) و (٢٠ %) إذا كان مستوى الدخل مستوى رفيعًا، ومن شأن المقرضين عادة أن يكونوا هم ذوو الدخل الرفيع. فلا شك أن ما يتحصلون عليه بواسطة هذا الإقراض هو أضعاف ما تتحصل عليه البنوك. فهذا الأمر باعتبار أنه للدولة للإسهام في النماء يبيح هذه المزية؟ هذا تساؤل أطرحه على فضيلته.
وشكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.