للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ الصديق الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه وسلم.

أردت من تدخلي هذا أن أوضح المسألة التي نسبتها إلى المالكية واعترض عليها بعض الإخوة وهي: بيع الدين بالدين، وقلت: إن هذه اصطلاح المالكية في بيع الدين بالدين لغير من عليه الدين خاصة. أما بيع الدين بالدين لمن عليه الدين فهذا يسمونه فسخ الدين في الدين. وفرقوا في الحكم بين هاتين الصورتين.

الصورة الأولى هي أشدها منعًا عند المالكية وواضح أنها يترتب عليها ربا وهو ربا الجاهلية، له عليه ألفا ألف ومائة تدفع بعد شهر، واضح هذا ولا ينبغي أن يكون فيه خلاف، ولذلك شددوا فيه ومنعوا في هذه الحالة أن يباع ولو بسلعة أي بمعين يتأخر قبضه، لا يجوز له بيع سند المبلغ الذي في ذمتك بسيارة يسلمها لك، سيارة معينة وليست في الذمة، إذا كانت في الذمة اسمه دينًا، سيارة معينة وموصوفة ولكن لا يسلمها في الحال، هذا منعوها أيضًا قفلاً لهذا الباب في فسخ الدين بالدين أي في بيع لمن عليه الدين.

أما بيع الدين بالدين، أي بيع الدين لغير من عليه الدين، فأجازوا فيه هذه الصورة وهي أن يبيع له الدين الذي عليه بسيارة معينة ومعروفة ليست في الذمة لكن يتأخر قبضها. والواضح من هذا أنه إذا كانت هذه الصورة يجوز فيها البيع بسيارة يتأخر قبضها فمن باب أولى يجوز فيها البيع بسيارة مقبوضة في الحال، وهذه مسألة بدهية لذي نظر، لأن هذا الشخص الدائن كأنه اشترى هذه السيارة بالدين الذي في ذمة المدين فهي شبيهة ببيع سلعة بثمن معين، هذا الثمن هو الدين، فكيف نقول بعدم جوازه؟! ولم أرَ غير المالكية نصوا على هذه الصورة، وفعلاً هذه الصورة تحل لنا مشكلة بيع الكمبيالات وبيع السندات، وكلها واحد.

وبالنسبة للسؤال: هل السند نقود؟ لا، السند ليس نقودًا بل هو وثيقة، لا إشكال في هذا، والذي يباع هو الدين، فعندما يبيع السند أو يبيع الكمبيالة يبيع الدين، والدين عرف بأنه مال، فهو يبيع مالاً، فلا مانع من هذا. ولذلك يطبق عليه جميع أحكام بيع المال، فإذا بيع بمال لا يجوز في جميع الأحوال، لا كلام في هذا حتى ولو دفع المبلغ في الحال لأن الدين مؤجل، فهذا واضح. هذه هي الصورة التي أردت أن أوضحها لما وقع فيها من لبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>