للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- ساهم اندماج اقتصاديات تلك الدول في الاقتصاد العالمي بشكل كامل دون وضع سياج واقي من امتداد التأثيرات غير الملائمة، ودون تقدير قدرة تلك البلدان على مواجهة الأزمات إذا وقعت في تكريس الأزمة وامتداد آثارها، ومن أهم مظاهر ذلك الاندماج:

- السماح بحرية دخول وخروج الرساميل الأجنبية دون ضوابط صارمة.

- السماح بإجراء جميع أنواع التعاملات النقدية والمالية دون وضع قيود وأنظمة تمنع التجاوزات.

- ربط أسعار صرف عملات تلك الدول بالدولار الأمريكي والمحافظة على معدل سعر صرف ثابت معه.

٧- عدم توفر المعلومات وفقدان الشفافية أدى إلى حرمان المتعاملين من عوامل تكوين نظرة واقعية، وإلى تقدير غير سليم وغير دقيق من قبل المستثمرين الخارجيين، حال دون وقوفهم على نواحي الضعف الاقتصادي الذي تعاني من هذه البلدان، ولم تتضح السلبيات إلا بعد تعمق الأزمة.

٨- من أهم ما ورد في تفسير الأزمة ما قيل عن تثبيت أسعار صرف تلك العملات تجاه الدولار، حيث تجدر الإشارة إلى أن جل عملات دول المنطقة ربطت في أواخر الثمانينات بأسعار صرف ثابتة بعملة من العملات يمثل الدولار (٨٠ %) منها، وشكل هذا الربط في ذلك الوقت عنصر فائدة للمصدرين والمستثمرين الأجانب، كما استطاع المحافظة على استمرارية تيار الاستثمار الخارجي للتوظيف في السندات بفضل فرق نسب الفائدة مقارنة بالسوق الأمريكية، وظل هذا التثبيت مفيدًا حتى عام ١٩٩٥م، ولكن ومنذ عام ١٩٩٦م عاود الاقتصاد الأمريكي نموه، وارتفعت قيمة الدولار في الوقت الذي بدأت فيه دول المنطقة تشهد ركودًا نسبيًّا كان من مظاهره تباطؤ الصادرات، وتراجع أرباح المقاولات، ولم يكن بإمكان العملات الآسيوية مسايرة الدولار في ارتفاع مستمر دون المساس بالقدرات التنافسية لدول المنطقة، هذا السبب الاقتصادي برر انخفاض نسب الصرف في شكله العادي؛ إلا أن الفاعلين الماليين لما تيقنوا من عدم قدرة اقتصاديات آسيا على الاستمرار في نسب التصدير نفسها مع الحافظة على سعر التعادل مع الدولار، استبقوا الانخفاض الممكن حدوثه وحفزوا معهم المضاربين حيث عمدوا إلى بيع الموجودات التي تحت إدارتهم، وارتفعت حمى الطلب على الدولار والاتجاه نحو تسييل الاستثمارات (١) .

عمومًا فإن الجميع وهو يحلل الأسباب الاقتصادية اللازمة أكد على أن الذي أشعل فتيل الأزمة هو شعور معظم المختصين ببوادر أزمة في الاقتصاد التايلندي أدت إلى اتجاهات مضاربية على الباب التايلندي، وعندما حاولت الحكومة مساندة عملتها بالتدخل لشرائها أوحت بوجود مأزق حقيقي وكرست الاتجاهات المضاربية. مما أدى إلى انهيار كبير في أسعار العملات أدت بالتالي إلى انخفاض في نسبة النمو وفي حجم المدخرات وفي حجم الناتج، ولم تؤد بشكل مماثل لزيادة الصادرات.

وحسب تصنيف صندوق النقد الدولي فإن الأزمة هي أزمة عملات تحدث عندما تقع مضاربة على قيمة تبادل العملات تؤدي إلى خفض قيمة العملة، و (أزمة مصرفية) حالة الفشل التي ترغم الحكومة على التدخل بتقديم مساعدات بحجم أكبر، و (أزمة مالية) عملية تهتك في الأسواق المالية تعوق مقدرة وفعاليات الأسواق وتنتج آثارًا ضارة بالاقتصاد بصفة عامة (٢) .


(١) انظر حبيب المالكي، لماذا اكتوى المارد الآسيوي بنيرانه، ورقة عمل قدمت إلى الأكاديمية المغربية ١٩٩٨م.
(٢) انظر مجلة التمويل والتنمية الصادرة عن صندوق النقد الدولي سبتمبر ١٩٩٨م.

<<  <  ج: ص:  >  >>