للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: المضاربات على العملة (١) - أبعاد رئيسة

في أيامنا هذه كثيرًا ما يكون وراء صفقات استبدال العملات دافع المضاربة. فالمضاربون على العملات منتشرون في كل مكان، يمارسون عملياتهم من خلال مؤسسات وتنظيمات، وأحيانًا يمارسون ذلك بصفة فردية إذا ما وصلوا إلى درجة بالغة من القوة (٢) . وفيما يلي نقدم تعريفًا موجزًا بأهم أبعاد هذا السلوك المضاربي.

١ - تعريف المضاربة في الفكر الاقتصادي الوضعي: يعرف الفكر الاقتصادي الوضعي المضاربة على السلع كما يعرف المضاربة على العملات وكذلك على الأوراق المالية. وجوهر العملية واحد، وإن اختلف الموضوع، المضارب يختلف عن التاجر، وإن كان يجمع بينهما دافع الربح ودوافع أخرى، إن المضارب يشتري الشيء لمجرد أنه يتوقع أن يرتفع سعر هذا الشيء وعندئذ يبعه فيحقق المكاسب. كما أنه يبيع الشيء لأنه يتوقع مزيدًا من الهبوط في سعره، فيتفادى الخسائر أو المزيد منها. وهناك أناس ومؤسسات تحترف المضاربة متخذة منها حرفة ومهنة، بحيث صارت تعرف بها، فيقال مثلاً (جورس سورس) المضارب العالمي الشهير في العملات (٣) .

فالمضاربة لون من ألوان التجارة ذات مواصفات خاصة.


(١) نأسف لاستخدامنا مصطلح المضاربة هنا مع أنه استخدام في غير محله المعروف لغة وشرعًا. لكنها الترجمة الرديئة الجاهلة للمصطلح الأجنبي (Spcculation) علمًا بأن في لغته الأجنبية لا يعني من بعيد أو قريب ما يعنيه مصطلح المضاربة في لغته العربية. وإنما يعني المراهنة والمقامرة والمخاطرة التي لا تخضع لضوابط. وما دفعنا إلى هذا النهج مع علمنا بما فيه إلا تخاطب الناس بما يعرفونه، ومن ثم المزيد من التأثير. وأعترف بأنها ضرورة وهي تقدر بقدرها. ونأمل أن نتجاوزها سريعًا ونسمي الأمور بأسمائها الصحيحة. فالحق أحق أن يتبع.
(٢) وفي هذا الصدد كتبت المجلة الاقتصادية الأمريكية على صفحة غلافها عن المضارب الشهير (سوروس) الرجل الذي يحرك الأسواق.
(٣) وهناك ما يعرف بمجموعة الإثني عشر في أمريكا وهي مؤلفة من كبار اللاعبين في (وول ستريت) ، انظر تفصيلاً لذلك في (البورصات وتدعيم الاقتصاد الوطني) ، د. السيد الطيبي، كتاب الأهرام الاقتصادي، العدد ٥٧، نوفمبر ١٩٩٢، ص ٢٤ وما بعدها وما قبلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>