للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا يمكن تعريف المضاربة في العملة بأنها طلب العملة لذاتها لا لاستخدامها في سداد دين ما أو في شراء أصل ما، وإنما لأن المشتري لها يتوقع ارتفاع سعرها هي مستقبلاً فيبيعها محققًا الأرباح، وهي أيضًا عرض العملة لهدف محدد هو تفادي الخسائر في الاحتفاظ بها حيث يتوقع هبوط قيمتها. ولذلك نجد بعض الباحثين يعرفها بأنها تحكيم زمني، أي بيع اليوم للشراء غدًا أو شراء اليوم للبيع غدًا (١) .

ولم تعد المضاربة اليوم قاصرة على توقع ما يحدث، وإلا لهان الخطب نسبيًّا، ولكنها أصبحت عملاً مقصودًا وليس مجرد استفادة من فرصة متوقعة، إنها باتت خالقة للفرصة وليست منتظرة لها، قد تريد جهة ما أو مؤسسة ما تحقيق هدف معين فتشيع في السوق أن السعر سيهبط أو يرتفع حسبما يتفق ومصلحتها ثم تتدخل ممارسة البيع أو الشراء. فتحدث في السعر ما تريده، ضاربة بعرض الحائط ما يترتب على ذلك من مضار ببعض الأشخاص أو الفئات أو المجتمعات، وإذا كان ذلك يحدث كثيرًا في المضاربات في السلع، فهو يحدث أكثر في الأوراق المالية، ويحدث أكثر وأكثر في العملات، لما لها من طبيعة خاصة تتميز بها عن بقية السلع، وهي عدم وجود أساس ثابت يحكم مستوى سعرها العادي بينما نجد في السلع الأخرى نفقة الإنتاج، وبالتالي فتقلبات قيمتها مرنة إلى حد كبير. ومن المعروف أن هناك ما يعرف بالمضاربين على الهبوط (Bear) فهم يتوقعون الهبوط أو يصنعونه فيبيعون، وعندما تهبط الأسعار بالقدر المغري يعودون فيشترون، لمعرفتهم بأن السعر سيرتفع مستقبلاً، حيث الهبوط كان مؤقتًا، بل ومفتعلاً في كثير من الحالات.

كما أن هناك مضاربين على الصعود (Bull) يتوقعون الارتفاع أو يصنعونه فيشترون، ثم يعيدون البيع عندما يرتفع السعر بالقدر المغري.


(١) د. زكريا نصر، مرجع سابق، ص ٤٦؛ قارن د. السيد الطيبي، مرجع سابق، ص ١١ وما بعدها؛ د. حمدي رضوان (التابع والمتبوع) ، مرجع سابق، ص ١٥٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>