للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ الصديق الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. لقد سمعت كلامًا عجبًا من أحد الإخوة العلماء الأفاضل، هذا الكلام فهمت منه أنه فهم من كلامي أنني أمنع الصرف، وقد أكد هذا بعبارات لا لبس فيها، فخاطبني بأني إذا دخلت بلدًا ألا أحتاج إلى صرف ما عندي من نقود؟ نعم أحتاج وهذا جائز وهذا هو الصرف. ثم قال لي: كيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة)) وهناك من يمنع الصرف فهل نسمع كلامه أم نسمع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، نسمع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.

ما كنت أعتقد أن أحدا يظن أن في هذا المجلس من يقول بمنع الصرف. إن الذي قلته هو: أن المضاربات أو المقامرات لا تجوز شرعًا، وأقولها وأكررها المضاربات، المقامرات، المجازفات التي تجري في الأسواق المالية الآن لا تجوز شرعًا وهي ليست بصرف، وأيدت هذا بكلام ربما هو الذي أدى إلى سوء الفهم وهذا خطأ مني، لذلك أريد أن أصححه بعبارات واضحة.

حدث خلاف بين الأئمة الأربعة، في المذاهب الأربعة هناك خلاف في الأصل في الصرف، الصرف الذي جوزه الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، هل الأصل فيه الجواز أم الأصل فيه المنع؟ وإنما جاز لحاجة الناس إليه بهذه النصوص. هذا هو الذي قلته تأييدًا لرأيي في منع المجازفات لأن الفقهاء إذا كان اختلفوا في أصل الصرف بشروطه الضيقة المعروفة فقال بعضهم، ولم أكن متأكدًا من المذهب الذي قال بهذا، وقد دلني أحد الإخوة بأنه المذهب الحنفي: يقرر أن الأصل في الصرف المنع وإنما جاز لحاجة الناس إليه. ومعروف عندكم جميعًا أن ما جاز للحاجة يقتصر فيه على موضع الحاجة ولا يجوز أن يتعداه إلى غيره، فما حدث يحدث الآن في الأسواق المالية هو تعد واضح لهذه الحاجة، فإذا قلنا بمنعه فليس هذا أننا نقول بمنع الصرف، ولا أدري كيف يفهم هذا من هذا؟! يسأل عن الحد الفاصل بين المتاجرة والمجازفة. والله أظن أن هذا واضح لا يحتاج إلى توضيح وما يحدث في الأسواق المالية واضح الآن. الصرف هو جاز كالمثال الذي واجهني به، دخلت البلد وأحتاج إلى نقود وأصرفها. المتاجرة التي ذكرها الأخ الفاضل أن العلماء أجازوها هي المتاجرة في زمانهم، وليست هذه المجازفة والمقامرة التي تحدث الآن في الأسواق المالية، وأعتقد أن هؤلاء العلماء الذين أجازوا المتاجرة لو عرضت لهم هذه المسألة ما ترددوا في منعها، ولهذا قلت: إنه على فقهاء العصر أن يمنعوا هذه المقامرات خصوصًا بعد ما ثبت ضررها الظاهر.

وشكرًا لكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>