للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيا: النسبة المئوية لاحتمال طروء العيب في الأجهزة معلومة أو قابلة للتخمين، وذلك من خلال التجربة والإحصائيات والاختبارات العلمية الحديثة، ومع إمكانية كهذه لا يكون الإقدام على عقد من هذا القبيل إقداما على أمر مجهول فيه خطر.

هذا مع أن الدليل القائم على ممنوعية الغرر في المعاملة هو الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: بأنه ((نهى عن بيع الغرر)) (١) . وهو – مع ما في سنده من مناقشة – مختص بباب البيع ولا مجال للتعدي عن البيع إلى المعاملات الأخرى، كما نبه عليه الفقهاء في كتبهم.

أما لزوم التعليق:

فقد ظهر جوابه مما سبق، وهو أن متعلق المعاملة في ما نحن فيه ليس هو إلا الصيانة، أي استعداد الشركة أو الشخص للقيام بالخدمات اللازمة عند الحاجة، وهو أمر منجز غير معلق على شيء مثل الحراسة. نعم القيام بالإصلاح الذي هو من لوازم الصيانة المنجزة معلق على طروء العيب، ولكنه ليس متعلق العقد عرفا بل هو من لوازم المتعلق.

ملاحظة وجواب:

يمكن أن يشكل في صحة عقد الصيانة بأنه جمع فيه بين تمليك منفعة وعين، فيكون إيجارا وبيعا معا، وهذا لايصح لأنه يكون من باب الصفقتين في صفقة واحدة. وقد روي أنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم ((عن صفقتين في صفقة)) (٢) .

توضيح ذلك أن الصائن يقوم بأمرين:

الأول: هو الإصلاح وخدمات الإدامة مما يرجع إلى تمليك المنفعة.

والثاني: تبديل قطع الغيار، وهو يرجع إلى تمليك العين الخارجية فيكون إجارة وبيعا معا.

ولكن هذه الملاحظة غير تامة، وذلك لأن الجمع بين تمليك العين والمنفعة لا يوجب تعدد الصفقة ما لم يوجب تعدد الإيجاب والقبول.

والمثمن والثمن، بل هو صفقة واحدة بإيجاب وقبول واحد والثمن والمثمن فيها أيضا متحد (٣) .

أما الجمع بين الصفقتين في صفقة واحدة إنما يصدق فيما لو كان هناك صفقتين لكل منهما إيجاب وقبول، وثمن ومثمن، ولكن ربط أحدهما بالآخر في مقام الإنشاء، كأن يبيع أحد المتعاملين شيئا للآخر على أن يبيع الآخر شيئا منه كأن يقول: أبيع لك داري على أن تبيعني دابتك مثلا. أو أن المراد منه أن يبيع شيئا بثمنين أحدهما نقدا والآخر نسيئة بأيهما شاء المشتري أخذ من دون أن يوجب أحدهما ويجعله قطعيا، وقد ورد النهي عنه في روايات كثيرة، وقد فسر هذا الحديث – نهي النبي صلى الله عليه وسلم ((عن صفقتين في صفقة)) – وكذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم ((عن بيعتين في بيع)) بأحد هذين المعنيين غير واحد من العلماء (٤) .


(١) وسائل الشيعة، الباب ٤٠، أبواب التجارة، حديث٣
(٢) مسند أحمد، حديث ٣٥٩٥
(٣) قال الشهيد الثاني في المسالك: ٣/٢٨٦: "فإن التعدد في البيع بتعدد البائع وبتعدد المشترى وبتعدد العقد
(٤) ذكر المعنيين معا ابن الأثير في النهاية: ١/١٧٣؛ وفي مسند أحمد، (حديث ٣٥٩٥) في ذيل حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة واحدة: "قال: أسود قال: شريك قال: سماك الرجل يبيع البيع فيقول: هو بنسأ بكذا وكذا، وهو نقد بكذا وكذا"؛ وقد نقل في فتح القدير: ٥/٢١٨ هذا المعنى عن أبي نعيم وأبي عبيد القاسم بن سلام

<<  <  ج: ص:  >  >>