للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن هذا الحديث أي نهى النبي صلى الله عليه وسلم ((عن صفقتين في صفقة)) ، غير ثابت من حيث السند، وغير معمول به عند علمائنا (١) .

وقد صرح أكثر فقهائنا بصحة الجمع بين البيع والإجارة في صفقة واحدة. وقال المحقق رحمه الله في شرائع الإسلام: "ولو جمع بين شيئين مختلفين في عقد واحد بثمن واحد. كبيع وسلف أو إجارة وبيع أو نكاح صح (٢) .

وقال الشهيد الثاني في ذيل هذا الكلام: "لا خلاف عندنا في صحة ذلك كله؛ لأن الجميع بمنزلة عقد واحد والعوض فيه معلوم بالإضافة إلى الجملة، وهو كاف في انتفاء الغرر والجهالة (٣) .

فتحصل مما ذكرنا أن الصيانة كعقد مستقل من العقود المستحدثة التي لها مميزاتها الخاصة التي لا توجد في المعاملات المعهودة، ولكن مع ذلك هو عقد صحيح ولازم تشمله أدلة الوفاء بالعقود وليس فيه خلل يوجب الحكم بالفساد شرعا.

نعم من ذهب إلى توقيفية العقود وأن المشروع من العقود هي العقود المتداولة في عصر نزول الوحي فله أن يرجع العقود المستحدثة إلى إحدى العقود المعهودة كالصلح مثلا، وأن يوصي المتعاقدين الملتزمين بالأحكام الشرعية أن يغيروا صياغة الإنشاء لكي يندرج العقد حقيقة في تلك العقود حتى يكون صحيحا.

الصورة الثانية – الاتفاق على الصيانة كشرط في ضمن البيع أو الإجارة (بنحو شرط الفعل) .

كما لو اشترى جهازا بشرط أن يكون البائع أو وكيله ملزما بالقيام بخدمات الإدامة والإصلاح إلى مدة معينة (بدون أخذ أجرة الإصلاح أو ثمن قطع الغيار مستقلا أو مع أخذها بنحو شرط الفعل) (٤) .


(١) نعم حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعين في بيع مروي عندنا بالطريق الموثق (وسائل الشيعة: ١٨/٢٣٠٨٥؛ ملاذ الأخبار: ١١/٤٤٤) ، ولكنه غير مربوط بالمقام كما هو واضح على أن المراد منه أحد المعنيين الذين ذكرناهما في معني الحديث أي أن يبيع شيئا بثمنين أحدهما نقدا والآخر نسيئة بأيهما شاء المشتري أخذ، أو أن يبيع شيئا للآخر على أن يبيع الآخر شيئا منه
(٢) شرائع الإسلام كتاب التجارة، أحكام العقود
(٣) مسالك الأفهام: ٢/٢٨٠
(٤) أي كون المشروط عليه (البائع) ملتزما بالقيام بفعل من دون أن يكون ذمته مشغولة وضعا بشيء فيما لم يقم بذلك بالاختيار، أو لمانع إذ شرط الفعل في العقود لا يقتضي أكثر من الوجوب التكليفي والعصيان عند المخالفة بخلاف شرط النتيجة والغاية من الفعل كانعتاق العبد أو كون المال الفلاني لأحد المتعاقدين، فهو اشتراط كون ذمة المشروط عليه مشغولة بشيء وضعًا على ما يأتي توضيحه في الصورة الآتية. نعم يكون للمشتري خيار تخلف الشرط على كل حال عند عدم الوفاء به

<<  <  ج: ص:  >  >>