الصحيح أن هذه معاملة صحيحة مقترنة بالشرط فتشملها أدلة وجوب الوفاء بالعقد والشرط.
ولكن قد يشكل في صحة هذا النوع من التعاقد من جهة توجه الإشكالات نفسها التي ذكرناها في الصورة الأولى، أي الغرر والتعليق وكونه صفقتين في صفقة واحدة، ولكن بما أن بين المقامين فرقا من ناحية مصب الإشكال وبعض الأجوبة نشير إليها مع جوابها:
الإشكال الأول: أن هذا الشرط يستلزم الغرر، والغرر موجب لفساد المعاملة.
والجواب:
أولا: أن ممنوعية الغرر شرعا الثابت بحديث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، تختص بالقرار الأصلي المعاملي أي المبادلة بين الثمن والمثمن، أما الشروط الضمنية فما دامت لا توجب حصول الغرر في المشروط أي القرار الأصلي في المعاملة، فلا يشمله هذا النهي.
توضيح ذلك أن الغرر في الشرط قد يؤدي إلى حصول الغرر في المشروط وقد لا يؤدي إلى ذلك، مثلا لو باع الدار بثمن معين واشترط على المشتري خياطة ثوب ودار أمر الخياطة بين نوعين من الخياطة (كالخياطة بدرز أو درزين مثلا) على نحو الإجمال، فإن الغرر في الشرط بلحاظ اختلاف قيمته لو ثبت لا يوجب تحقق الغرر في البيع نفسه، لأن الاختلاف في قيمة الخياط يكون ضئيلا بالنسبة إلى قيمة الدار ولا يلزم من زيادتها أو نقصانها الغرر في أصل المعاملة.
فإن شرط الصيانة في المقام وإن كان فيه إجمال من ناحية عدم معلومية طروء العيب، ولكن ليس بحد يوجب الغرر في أصل المعاملة لعدم وجود أي خطر عرفا فيه على المتعاملين.
ثانيا: لا غرر في الشرط أيضا بعد معلومية درجة احتمال طروء العيب بالتجربة أو الإحصائيات. إذ الصانع يعرف بالتجربة والإحصائيات مقدار احتمال طروء العيب والاحتياج إلى الإصلاح، فإقدامه على شرط الصيانة إقدام على أمر معلوم ليس فيه خطر عرفا.
الإشكال الثاني:
وقد يشكل في صحة هذه المعاملة من جهة اشتمال شرط الصيانة فيها على التعليق، إذ القيام بصيانة معلق على بروز العيب وليس بمنجز، والتعليق في العقود يوجب بطلانها.
والجواب:
أولا: لا نسلم وجود التعليق في مثل هذه الشروط التي يلتزم أحد المتبايعين بالقيام بفعل على تقدير حصول شيء في الخارج، وذلك لأن الشرط هنا هو (الالتزام) والالتزام أمر فعلي منجز يعلمان بتحققه، إنما التعليق في متعلق هذا الالتزام وهو الفعل في الخارج. كما هو كذلك في الواجب المعلق في التكاليف، وبيان آخر أنه وقع هناك التزام مطلق من أحد المتبايعيين بحصة خاصة من الفعل لا الفعل المطلق حتى يكون أصل الالتزام معلقا (١) .
(١) قال الشيح الأنصاري رحمه الله في دفع ما قيل لاعتبار التنجيز في الشروط: ويندفع بأن الشرط هو الخياطة على تقدير المجيء (فيما لو باع شيئا بشرط الخياطة على تقدير مجيء زيد مثلا) لا الخياطة المطلقة ليرجع إلى التعليق إلى أصل المعاوضة الخاصة؛ (راجع المكاسب، ص٢٨٣)