٣.عقد الجعالة، وما يشتمل عليه من جهالة بالعمل والمؤنة.
وهذه القضايا الثلاث كانت دائما محل دراسة تفصيلية في الأبحاث الفقهية قديما وحديثا. لذلك سنكتفي بالإشارة – على شكل نقاط نعددها – إلى مواطن إسقاطات مسائل الصيانة في هذه القضايا الفقهية الثلاث:
ففي الشروط الجعلية في العقود:
مذاهب العلماء في الشروط في العقود معروفة، وقد لخصتها الموسوعة الفقهية (٩/٢٤٣ – ٢٥٩و٩/٢٧١ – ٢٧٣) تلخيصا جيدا. ويرتبط بالصيانة من ذلك النقاط التالية:
١.استثنى الأحناف من شرط المنفعة المفسد لعقد البيع ما تعارف عليه الناس في معاملاتهم من غير إنكار. ومن أمثلته: شراء حذاء على أن يضع له البائع نعلا، أو قلنسوة على أن يصنع لها البائع بطانة (ص٢٤٦) . ولزم الشرط في مثل هذا استحسانا رغم أنه خلاف القياس عندهم، لأن العرف قاض على القياس. ونقلت الموسوعة عن ابن عابدين جريان ذلك على أي عرف حادث، ولو في غير الشرط المذكور طالما أنه لا يؤدي إلى المنازعة، فهو لا يدخل في ((نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط)) ؛ لأن العرف ينفي المنازعة.
وكذلك فقد ذهب الحنابلة إلى جواز اشتراط منفعة، ولو كانت من غير مقتضى العقد ولا من مصلحته شريطة كونها لا تنافي مقتضاه. من ذلك خياطة الثوب وحمل الحطب.
ونلاحظ في هذه الأمثلة التزام البائع بالعمل والمواد معًا، وكذلك استعماله لآلاته وأدواته في تنفيذ التزامه بالنعل، أو بالبطانة، أو بالخياطة أو الحمل.
ومن جهة أخرى، فإن الشرط في الأمثلة التي ذكرها الأحناف يتضمن العمل والمواد واستعمال الآلات لإضافة شيء جيد على العين المبيعة. أما في الصيانة فلا يهدف العمل ولا المواد ولا استعمال الصائن لآلاته إلى إضافة شيء جديد بل إلى إعادة العين المبيعة إلى أصلها. فشرط الصيانة ليس فيه منفعة جديدة للمشتري، وإنما إعادة المبيع إلى وضعه الطبيعي بعد طروء خلل عليه.