للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نتيجة: هناك شبه واضح بين عقد الصيانة المعاصر وعقد الجعالة المعروف في الفقه، لكن بينهما فروقا جوهرية تمنع في نظرنا اعتبار الصيانة جعالة مطلقة.

٤ /٤- عقد الصيانة مقارنا بالتأمين على الأشياء:

عقد التأمين: هو عقد يلتزم فيه المستأمن (طالب التأمين) بدفع مبلغ معين، لقاء التزام المؤمن بدفع تعويض عن الضرر الذي قد يلحق بالمستأمن إذا وقع الخطر المؤمن ضده خلال فترة زمنية محددة (سنة مثلًا) .

والصيانة العلاجية الطارئة (غير الدورية) تشبه عقد التأمين المذكور (١) . سوى أن الصائن لا يلتزم عادة تقديم مبلغ مالي يعوض رب الآلة عن الضرر الناجم عن العطل الطارئ، بل يلتزم إصلاح العطل، وتبديل القطع التالفة حيثما لزم ذلك.

ولو تمحضت الصيانة بحيث تكون علاجية طارئة فقط لا تشمل الصيانة الدورية، وكانت مستقلة تماما عن عقد بيع الأصل المراد صيانته، لزاد شبهها بالتأمين.

نتيجة: إذا انفراد عقد الصيانة وحده، وكان محصورا بالصيانة الطارئة فقط دون الدورية الوقائية، فإنه يشبه عقد التأمين على الأشياء، ويجري فيه الخلاف الفقهي المعاصر في التأمين.

- فأكثر الفقهاء المعاصرين، والمجامع الفقهية ومنها هذا المجمع الموقر، رأت عدم جواز التأمين التجاري، وجواز التبادلي والتعاوني بديلا عنه (٢) .

- وترى قلة من الفقهاء المعاصرين جواز التأمين التجاري من حيث المبدأ، إذا خلا عقده من أسباب مفسدة أخرى.

على أن الغالب على عقود الصيانة أن تشمل الصيانة الدورية الوقائية أيضًا، وهذه لا تشبه التأمين في شيء، كما أن وجودها في العقد يخل بشرط فني جوهري في التأمين وهو أن لا يتعلق وقوع الحادث الضار بإردة المؤمن ولا المستأمن. بينما الصيانة الدورية التي يؤديها الصائن تستهدف صراحة تقليل احتمال الحاجة إلى الصيانة الطارئة، وتقليل تكاليفها.

أما الصيانة الطارئة المحض، فالغالب أن تترافق مع عقد بيع الأصل، كما هو شائع عند بيع السيارة الجديدة، حيث تتعهد الشركة البائعة أنه إن طرأ خلل في محرك السيارة خلال فترة محددة، فإنها تقوم بإصلاحه أو تبديله مجانا. ولا يشمل هذا التعهد قيام الشركة البائعة بأعمال صيانة دورية.


(١) يؤكد باتون مثلا أن عقد صيانة السيارة هو تأمين للتوقي من خطر أن تظهر في السيارة عيوب خفية يكلف إصلاحها تكلفة باهظة؛ انظر patton Jr.p.٤٠٣
(٢) قرار رقم (٩) بشأن التأمين، الدورة الثانية، جدة، ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٥م

<<  <  ج: ص:  >  >>