وعندما يتجه المفتي إلى البحث عن الدليل عند حدوث نازلة، فإنه في هذه الحال إما أن يجد دليلاً من الكتاب والسنة أو أحدهما أولاً.
فإن وجد دليلاً: فهل هو منطوق أو مفهوم، وإذا كان منطوقاً هل هو نص أو ظاهر، وإذا كان مفهوماً: هل هو مفهوم موافقة، أو مفهوم مخالفة، وهل مفهوم الموافقة من قبيل فحوى الخطاب أو لحن الخطاب، (وهل دلالة المفهوم من قبيل دلالة الاقتضاء أو الإشارة، أو الإيماء والتنبيه)(١) .
وإذا كان مفهوم مخالفة، فمن أي أنواعه، وهل اللفظ مجمل أو مبين، وهل اللفظ عام، أو خاص، وهل هو مطلق، أو مقيد ...؟
وهل مراد المتكلم باللفظ: الحقيقة الشرعية، أو العرفية أو اللغوية، أو المجاز، ثم هل الحكم الذي توصل إلى دليله منسوخ أو غير منسوخ؟
وإن لم يجد الدليل في الكتاب والسنة، فسيتجه بحثه حينئذ إلى ما يمكن أن يكون قد صدر في مثل هذه النازلة من فتوى: إما من الخلفاء الراشدين أو بعضهم، أو إجماع الصحابة، أو بعضهم، أو إجماع أهل العلم في زمن معين.
فإن لم يجد فإنه حينئذ يتجه إلى الاجتهاد، وذلك بأحد الطرق الآتية:
أ- أن يعين المراد من دليل ظني الدلالة، لاحتماله أكثر من معنى، دون تعسف، ولا تحميل باللفظ ما لا يحتمله.
ب- أن يرجح – عند التعارض – دليلاً على آخر، بوجه من وجوه الترجيح المعتبرة ... وقد أوصل أبو بكر محمد بن حازم أوجه الترجيح إلى خمسين وجهاً، وذلك في صدر كتابه:(الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار) .
(١) جعلت هذه العبارة بين قوسين، للخلاف القائم بين الأصوليين، هل هي من قبيل المنطوق أو المفهوم؟