للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمفتي يتبع الأدلة، ولا يعتمد على الحجاج، والأدلة: الكتاب والسنة ونحوهما من الإجماع والقياس والاستحسان والاستطلاع وغيرها من الأدلة والمختلف فيها (١) ، وعدد القرافي الأدلة في كتابه (الفروق) (٢) فبلغت نحو العشرين دليلاً. وأوصلها الشيخ جمال الدين القاسمي إلى نيف وأربعين دليلاً.

والأدلة يجب فيها اتباع الراجح وترك المرجوح. وليس للمفتي أن ينشئ حكماً بالهوى واتباع الشهوات، بل لابد من أن يكون ذلك القول الذي حكم به، قال به إمام معتبر، لدليل معتبر (٣) .

وإذا كان المفتي مجتهداً، وجب عليه اتباع الأدلة بعد استقرائها، ويخبر الناس بما ظهر له منها من غير زيادة ولا نقص. وأما إن كان مقلداً لمجتهد، كما في زماننا، فهو نائب عن المجتهد في نقل ما لخص إمامه لمن يستفتيه، فهو بمثابة وكيل أو مترجم عن المجتهد (٤) ، وحكم الحاكم ليس خبراً يحتمل التصديق والتكذيب، بل إنشاء لا يحتملهما، فإنه إلزام أو إذن، ومن أنشأ إلزاماً على غيره أو على نفسه، أو إذن لغيره في فعل، لا يقال له، صدقت ولا كذبت (٥) .

- الفرق بين الاجتهاد والإفتاء:

الأصل في المفتي: أن يكون هو المجتهد أو الفقيه (٦) ،ثم صار لفظ المفتي في عصرنا يطلق على متفقهة المذاهب، الذين يقتصر جهدهم على تطبيق نصوص الفقه المذهبي على الوقائع، وذلك الإطلاق من قبيل المجاز أو الحقيقية العرفية بحسب اصطلاح الحكومات المعاصرة. والفارق بين الاجتهاد والإفتاء: هو أن الإفتاء أخص من الاجتهاد، فإن الاجتهاد هو استنباط الأحكام، سواء أكان هناك سؤال في موضوعها أم لم يكن.


(١) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للقرافي، ط حلب، ص ٣٠ وما بعدها.
(٢) الفروق: ١ / ١٢٨.
(٣) الإحكام للقرافي، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للقرافي، ط حلب، ص ٣٠ وما بعدها.
(٤) لإحكام للقرافي، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للقرافي، ط حلب، ص ٢٩، ٨٤.
(٥) لإحكام للقرافي، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للقرافي، ط حلب، ص ٤٨.
(٦) الإحكام للآمدي: ٣ / ١٦٧؛ إرشاد الفحول للشوكاني، ص ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>