للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل: توظيف الخراج على الأراضي، إذا خلت الأيدي من الأموال، ولم يكن من مال المصالح ما يفي بحاجات الجيش، فيجوز لولي الأمر أن يوظف على الأغنياء مقدار كفاية الجند، لأنه إذا تعارض شران أو ضرران، قصد الشارع دفع أشد الضررين، وأعظم الشرين. أفتى بذلك كبار العلماء كالغزالي والعز بن عبد السلام والقرطبي والشاطبي وابن عابدين وغيرهم.

وجاء في الأحكام السلطانية للماوردي (١) : إذا ضاقت على بيت المال الديون والحقوق عن سدادها، جاز لولي الأمر إذا خاف الفساد أن يقترض على بيت المال ما يصرفه في الديون دون الارتفاق، وكان من حدث بعده من الولاة مأخوذا بقضائه إذا اتسع له بيت المال. وأما الفائض من الحقوق عن مصارف بيت المال: فذهب أبو حنيفة إلى أن يدخر في بيت المال لما ينوب المسلمين من حادث. وذهب الشافعي إلى أنه لا يدخر، وإنما يصرف في مصالح المسلمين، لأن النوائب تعين فرضها عليهم إذا حدثت.

وذكر الماوردي مراتب الضرب في التعزير، فمن سرق نصاباً من غير حرز ضرب أعلى التعزيز. خمسة وسبعين سوطا، وإذا سرق من حرز أقل من نصاب، ضرب ستين سوطاً، وإذا سرق أقل من نصاب من غير حرز، ضرب خمسين سوطاً، فإذا جمع المال في الحرز واسترجع منه قبل إخراجه، ضرب أربعين سوطاً، وإذا نقب الحرز ودخل ولم يأخذ، ضرب ثلاثين سوطاً، وإذا نقب الحرز، ولم يدخل، ضرب عشرين سوطا، وإذا تعرض للنقب أو لفتح باب ولم يكمله، ضرب عشرة أسواط، ثم قال الماوردي: وهذا الترتيب، وإن كان مستحسناً في الظاهر، فقد تجرد الاستحسان عن دليل يتقدر به (٢)

ومن أمثلة الحاجة: مشروعية طائفة من العقود لحاجة الناس إليها، استثناء من القواعد القياسية العامة، كالحكم والإجازة، والوصية والجعالة، والحوالة والكفالة، والصلح والقراض.

(المضاربة) والقرض ونمو ذلك:

- يباح من ربا الفضل ما تدعو الحاجة إليه، كالعرايا (بيع الرطب بالتمر) ، وبيع الذهب أو الفضة السبيكة بالمصوغ منه صياغة مباحة، كخاتم الفضة، وحلية النساء، وما أبيح من حلية السلاح وغيرها.

- مشروعية الخيارات في العقود.

- إباحة ضمان الدرك: وهو أن يضمن البائع للمشتري إن خرج المبيع مستحقاً لغير البائع أو معيباً أو ناقصاً (٣) .

- بيع الثمار المتلاحقة الظهور كالتين والموز والقثاء واليقطين والبطيخ.

- إباحة عقد الاستصناع (المقاولة من صانع على أن يعمل شيئاً) لحاجة الناس إليه. وإباحة البيع لأجل أو بالتقسيط للحاجة إليهما، ولا بأكثر من الثمن الحال (النقدي) ، ودخول الحمام بأجر، مع جهالة مدة المكث فيها وجهالة مقدار الماء المستعمل أو المستهلك، ومثله نزول الفنادق بالطعام والشراب.


(١) الأحكام السلطانية للماوردي، ص ٢٠٧، ط صبح؛ وانظر الأحكام السلطانية لأبي يعلى، ص ٢٣٧.
(٢) ص ٢٢٨ وما بعدها؛ وانظر الأحكام السلطانية لأبي يعلى، ص ٢٦٤.
(٣) مغني المحتاج: ٢ / ١- ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>