للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم – في تقديري – للحاجة أجاز ابن تيمية وابن القيم بيع المعدوم عند العقد إذا كان محقق الوجود في المستقبل بحسب العادة، لأنه لم يثبت النهي عن بيع المعدوم، لا في الكتاب ولا في السنة ولا في كلام الصحابة، وإنما ورد في السنة النهي عن بيع الغرر: وهو ما لا يقدر على تسليمه، سواء أكان موجوداً أو معدوماً، كبيع الفرس النافر والجمل الشارد، فليست العلة في المنع، لا العدم ولا الوجود (١) .

- بيع عقار القاصر: للوصي بيع عقار القاصر، لحاجة النفقة، بمثل القيمة، لكن من دقائق الفقه الحنفي: أنه لا يجوز للجد بيع العروض والعقار، لقضاء الدين وغيره، ويجوز ذلك للوصي، لأن الوصي هو المختص بحفظ الأموال وله الولاية على المال.

ولا يجوز للوصي بيع عقار القاصر من غير حاجة ولا مسوغ شرعي. قال في الذخيرة: الوصي يملك بيع عروض الصغير من غير حاجة، ولا يملك بيع عقاره إلا لحاجة، لأن وظيفته إذ ذاك حفظ الأموال، وبيع العروض من الحفظ، لأن حفظ الثمن أهون. أما العقار: فهو محصن بذاته، محفوظ بنفسه، فلا يكون بيعه من باب الحفظ، إلا إذا كان العقار في معرض الهلاك، فبيعه يكون بمنزلة العروض (٢) .

- أجاز الحنفية والمالكية نقل الزكاة من بلد المزكي إلى بلد آخر، لقرابة محاويج، ليسد حاجتهم، أو إلى قوم هم أحوج إليها، أو أصلح، أو أورع، أو أنفع للمسلمين، أو من دار الحرب إلى دار السلام، أو إلى طالب علم أو إلى الزهاد (٣) .

الضابط الثاني – رعاية المصلحة:

المصلحة في اللغة: جلب المنفعة، أو دفع المضرة، وفي الشرع: المحافظة على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، وما لهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة، ودفعها مصلحة، كما ذكر الإمام الغزالي (٤) .

وبعبارة أخرى: المصالح المرسلة التي هي أصل من أصول التشريع الإسلامي: هي الأوصاف التي تلائم تصرفات الشارع ومقاصده، ولكن لم يشهد لها دليل معين من الشر بالاعتبار أو الإلغاء، ويحصل من ربط الحكم بها جلب – مصلحة – أو دفع مفسدة عن الناس (٥) .

والمصالح أنواع ثلاثة متفاوتة الدرجة بحسب أهميتها، وهي: الضروريات والحاجيات والتحسينات (٦) .


(١) إعلام الموقعين: ٢ / ٨ وما بعدها.
(٢) تنقيح الفتاوى الحامدية: ٢ / ٣٢٢ – ٣٢٣؛ الفتاوى الخيرية بهامشه: ٢ / ٣٣٦.
(٣) الفتاوى الهندية: ١ / ١٧٨؛ الدر المختار: ١ / ٩٣ – ٩٥؛ أحكام القرآن لابن العربي: ١ / ١٥٨.
(٤) المستصفى: ١ / ١٣٩ – ١٤٠.
(٥) الموافقات للشاطبي: ١ / ٣٩.
(٦) الموافقات: ٢ / ٨ – ١٢؛ روضة الناظر وجنة المناظر: ١ / ٤١٤؛ فواتح الرحموت: ٢ / ٢٦٢؛ المستصفى: ١ / ١٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>