للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكر الإمام أحمد هاتين الآيتين دون أن يعلق عليهما، يفهم منه أنه يرى حجية شرع من قبلنا، ولو لم يكن ذلك مما كان لذكرهما فائدة، فهو لم يصرح بالحجية، ولكنه أومأ إليها.

٢- التخريج على نص مفهوم الإمام: نقل الحصكفي (- ١٠٨٨ هـ) عن جملة من مصادر الحنفية ما يفيد ذلك: فعن النهر: أن مفاهيم الكتب – الأصل – حجة: بخلاف أكثر مفاهيم النصوص، وإن المفهوم معتبر في الروايات – أي عن الأئمة – اتفاقاً، وذكر أن ما يعتبر مفهوم كلامه اتفاقاً ... أقوال الصحابة ... ولكن ينبغي تقييده بما يدرك بالرأي لا مما يدرك به.

ووجه ابن عابدين (-١٢٥٢هـ) ذلك في شرحه: بأن ما لا يدرك بالرأي في حكم المرفوع، والمرفوع نص، والحنفية لا يحتجون بالمفهوم في نصوص الشارع (١) ، ونصت على ذلك طائفة من كتب الحنفية. ومما مثلوا به لذلك أن المتأخرين قالوا: لو قال: ما لك على أكثر من مائة كان إقراراً بالمائة، فهذا دليل على اعتبارهم المفهوم في غير النصوص الشرعية، ومما يوضح ذلك في مفاهيم الكتب أن القدوري (- ٤٢٨ هـ) نص في الكتاب على أن "السهو يلزم إذا زاد في صلاته فعلاً من جنسها ليس منها ... أو جهر الإمام فيما يخافت أو خافت فيما يجهر ". فأخذ بعض الحنفية من تقييده الجهر والإخفات بالإمام أن المنفرد لا سهو عليه في حالتي الجهر فيما يخافت فيه أو الإخفاء فيما يجهر فيه (٢) .

رأي فقهاء المالكية:

ذكر المقري (- ٧٥٨هـ) وهو من علماء المالكية – عدم جواز تخريج آراء الأئمة ثم نسبتها إليهم بناء على مفهوم المخالفة.

قال: لا يجوز نسبة بالتخريج والإلزام بطريق المفهوم أو غير المفهوم إلى غير المعصوم عند المحققين – لإمكان الغفلة أو الفارق. أو الرجوع عن الأصل عند الإلزام التقييد بما ينفيه، أو إبداء معارض في السكوت أقوى، أو عدم اعتقاده العكس إلى غير ذلك، فلا يعتمد في التقليد ولا يعد في الخلافات (٣) .


(١) الحاشية: ١ / ١١٠.
(٢) اللباب شرح الكتاب: ١ / ٩٧.
(٣) قواعد المقري: ١ / ٣٤٨ – ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>