للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأي فقهاء الشافعية:

وفي كلام أبي إسحاق الشيرزي الشافعي (- ٤٧٦ هـ) ما يدلُّ على منع مثل هذا التخريج، ورفضه أن ينسب ذلك إلى الأئمة قال:

"قول الإنسان: ما نص عليه، أو دل عليه ما يجري مجرى النص، وما لم يدل عليه – فلا يحل أن يضاف إليه، ولهذا قال الشافعي رحمه الله: لا ينسب إلى ساكت قول".

رأي فقهاء الحنابلة:

اختلفت أقوال فقهاء الحنابلة بهذا الشأن:

فقد اختار المزني وابن حامد الحربي منهم، صحة نسبة ذلك إلى الإمام.

وحجتهم في ذلك أن ما يذكر من قيد لابد أن تكون له فائدة، ولو لم يكن الأمر لكان ذكره لغواً.

قال ابن حامد: ومع هذا فقد ثبت وتقرر أن إمامنا – أحمد بن حنبل رحمه الله – وغيره من العلماء لا يأتون لكلمة من حيث الشرط إلا ولذلك فائدة، فلو كانت القضية بالشرط وعدم الشرط، سواء كان ما جاء به الفقيه من الشرط أيضاً لغواً، وهذا بعيد أن ينسب إلى أحد من العلماء (١) ، وهذا الوجه قال عنه في شرح التحرير: (هو الصحيح من المذهب) .

والوجه الثاني: أنَّ مفهوم كلام الإمام لا يعد مذهباً له، ولا تصح نسبته إليه، وقد اختار ذلك أبو بكر عبد العزيز بن جعفر المعروف بغلام الخلال (- ٣٦٣ هـ) .

ووجه قول هؤلاء: أن القيد لا يتعين للنفي فيما عداه، فقد يكون خاصاً بواقعة معينة، أو يكون القيد لحالة خرج الكلام فيها مخرج الغالب، أو لإمكان الغفلة، أو لوجود الفارق، أو الرجوع عن الأصل، أو غير ذلك من الأمور (٢) ، وينبني على ذلك أن لا تصح نسبة أي رأي له عن طريق المفهوم.

أمثلة التخريج على المفهوم:

ومن أمثلة التخريج عن طريق المفهوم ما أخذ من نص الإمام أحمد في رواية إسحاق بن منصور، حيث نص على أن كل من لم يكن له شيء يفعله في طريق المسلمين ففعله فأصاب شيئاً فهو ضامن، فإن المفهوم منه انتفاء الضمان بما ينشأ عن الفعل المباح (٣) .


(١) تهذيب الأجوبة، ص ١٩٢، وصفة الفتوى والمفتي، ص ١٠٣.
(٢) قواعد المقري، قاعدة ١٢٠
(٣) القواعد والفوائد الأصولية، ص ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>