للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنواع التخريج:

إن المتتبع لجهود الفقهاء في التخريج يتبين له أن جهودهم في هذا الشأن تتوجه في مناهج ثلاثة:

الأول: تخريج الأصول من الفروع: وهو الأساس في تأسيس علم (أصول الفقه) ، وبخاصة الأئمة الذين لم يدونوا مناهجهم في الأصول، كأبي حنيفة ومالك وأحمد رضي الله عنهم.

الثاني: تخريج الفروع على الأصول: وهو النمط الظاهر من كتاب تخريج الفروع على الأصول للزنجاني، أو التمهيد في تخريج الفروع على الأصول للأسنوي، أو (القواعد والفوائد الأصولية) لابن اللحام.

الثالث: تخريج الفروع على الفروع: وهو النوع الذي حظي بعناية الفقهاء والأصوليين أكثر من غيره، سواء في الكتب التي حررت فتاوى المذاهب، أو في كتب أصول الفقه ضمن مباحث الاجتهاد والتقليد .... أو في مواضع منثورة من كتب الفقه (١) .

قلت: وهذا القسم هو الذي بني عليه بحثنا في فقه التخريج، والأسس التي يقوم عليها استنباط أحكام النوازل الفقهية موضوع الدراسة ....

ومن الملاحظ أن الأنواع الثلاثة من التخريج تمثل نوعين معاكسين من التخريج:

إحداهما: يتجه إلى تخريج القواعد والضوابط الكلية من الفروع والجزئيات.

وثانيهما: يتجه على العكس من ذلك – أي إلى تخريج الفروع والجزئيات.

إما ببنائها على القواعد الكلية، أو ببنائها على جزئيات مثلها (٢) .

المنهجية في فقه التخريج:

نهج متأخرو الفقهاء في تخريجهم: هو على النمط التالي:

أن يحفظ كل أحد كتاب من هو لسان أصحابه وأعرفهم بأقوال القوم، وأصحهم نظراً في الترجيح، فيتأمل في كل مسألة وجه الحكم، فكلما سئل عن شيء، أو احتاج إلى شيء، رأى فيما يحفظ من تصريحات أصحابه، فإن وجد الجواب فيها، وإلا نظر إلى عموم كلامهم فأجراه على هذه الصورة، أو أشار إلى ضمنية الكلام فاستنبط منها.

وربما كان لبعض الكلام إيماء، أو اقتضاء يفهم المقصود.

وربما كان للمسألة بها نظير يحمل عليها.

وربما نظروا في علة الحكم المصرح به بالتخريج، أو باليسير والحذف، فأداروا حكمه على حكمه على غير المصرح به.

وربما كان له كلام لو اجتمعا على هيئة القياس الاقتراني أو الشرطي أنتجا جواب المسألة.


(١) الباحسين، التخريج، ص ٦.
(٢) الباحسين، ص ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>