وربما كان في كلامهم ما هو معلوم بالحد الجامع المانع؛ فيرجعون إلى أهل اللسان، ويتكلفون في تحصيل ذاتياته، وترتيب حد جامع مانع له، وضبط مبهمه، وتمييز مشكله.
وربما كان كلامهم لوجهين، فينظرون في ترجيح أحد المحتملين.
وربما يكون تقريب الدلائل خفياً فيبينون ذلك.
وربما استدل بعض المخرجين من فعل أئمتهم وسكرتهم، ونحو ذلك.
فهذا هو التخريج.
ويقال له: القول المخرج لفلان كذا.
ويقال: على مذهب فلان، أو على أصل فلان، أو على قول فلان جواب المسألة كذا وكذا.
ويقال لهؤلاء: المجتهدون في المذهب.
وقالوا: من حفظ المبسوط كان مجتهداً ... أي: وإن لم يكن له علاقة برواية أصلاً، ولا بحديث واحد. فوقع التخريج في كل مذهب وكثر (١) .
وإنما قالوا: من حفظ المبسوط. باعتباره المصنف الذي أحاط بالراجح من أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
وهو من تصنيف الإمام محمد بن الحسن. وإن كانت المتون فيما بعد لضبط أقوال الإمام، وتحرير الراجح منها. ويجري على من استظهر تلك المتون ما يجري على من استظهر المبسوط.
تخريج القواعد الأصولية على كلام الأئمة:
هذا والتخريج غير مقتصد على تخريج الفروع على قواعد الأئمة ... بل إن القواعد الفقهية والأصولية نفسها هي من تخريجات الأصحاب، وليس ذلك مذهباً في الحقيقة.
ومسائل الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله على الأصول المذكورة في كتاب (البزدوي) ونحوه أكثرها أصول مخرجة على قولهم.
وقال الدهلوي: وعندي بأن الخاص مبين ولا يلحقه البيان.
- وإن الزيادة على النص نسخ.
- وإن العام قطعي كالخاص.
- وإن الترجيح بكثرة الرواة.
- وإنه لا يجب العمل بحديث غير الفقه إذا انسد باب الرأي.
- وأن لا عبرة بمفهوم الشرط، والوصف أصلاً.
- وأن موجب الأمر هو الوجوب ألبتة. وأمثال ذلك أصول مخرجة على كلام الأئمة.
- وأنه لا تصح به رواية عن أبي حنيفة وصاحبيه.
مثاله: أنهم أصلوا: إن الخاص مبين فلا يلحقه البيان.
(١) الدهلوي، حجة الله البالغة: ١ / ١٥٢.