للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقوال فقهاء الحنفية:

قال صاحب الكنز: ويبطل الحد بموت المقذوف؛ لا بالرجوع والعفو.

قال الشارح: أي بطل الحد لأنه لا يورث عندنا، ولا خلاف في أنه فيه حق الشرع وحق العبد، فإنه شرع لدفع العار عن المقذوف وهو الذي ينتفع به على الخصوص فمن هذا الوجه حق العبد.

ثم إنه شرع زاجراً ومنه سمي حدًّا، والمقصود من الزواجر إخلاء العالم عن الفساد، وهذه آية حق الشرع وبكل ذلك تشهد الأحكام.

فإذا تعارضت الجهتان: فالشافعي مال إلى تغليب حق العبد تقديماً لحق العبد باعتبار حاجته وغنى الشرع.

ونحن صرنا إلى تغليب حق الشرع: لأن ما للعبد من الحق يتولاه مولاه فيصير حق العبد مدعيًا به ولا كذلك عكسه، لأنه لا ولاية للعبد في استيفاء حق الشرع إلا نيابة.

وهذا هو الأصل المشهور الذي تتفرع عليه الفروع المختلف فيها.

منها: الإرث، إذ الإرث يجري في حقوق العباد لا في حقوق الشرع، أي إنما يرث العبد حق العبد بشرط كونه مالاً أو ما يتصل بالمال كالكفالة، أو فيما ينقلب إلى المال كالقصاص، والحد ليس شيئاً منها، فيبطل بالموت.

ومنها: العفو، فإنه لا يصح العفو عن المقذوف عندنا، ويصح عنه – الشافعي -.

ومنها: أنه لا يجوز الاعتياض عنه، ويجري فيه التداخل، وعند الشافعي لا يجري (١) .

قال ابن تيمية – من الحنابلة -:

والفقهاء من أصحابنا وغيرهم إذا خرجوا على قول عالم لوازم قوله وقياسه، فإما أن لا يكون نص على ذلك لا بنفي ولا إثبات أو نص على نفيه.

وإذا نص على نفيه؛ فإما أن يكون نص على لزومه، أو لم ينص.

- فإن كان قد نص على نفي ذلك اللازم وخرجوا عنه خلاف المنصوص عنه تلك المسألة مثل أن ينص في مسألتين متشابهتين على قولين مختلفين، أو يعلل مسألة بعلة ينقضها في موضع آخر، كما علل أحمد هنا عدم التكفير بعدم الاستثناء، وعنه في الاستثناء روايتان.

- فهذا مبني على تخريج ما لم يتكلم فيه بنفي ولا إثبات، هل يسمى مذهباً؟ أو لا يسمى؟ ولأصحابنا فيه خلاف مشهور.

-فالأثرم والخرقي وغيرهما يجعلوه مذهباً له.

والخلال وصاحبه وغيرهما لا يجعلونه مذهباً لهم.

والتحقيق: أن هذا قياس قوله ولازم قوله، فليس بمنزلة المذهب المنصوص عنه، ولا أيضاً ما ليس بلازم قوله بل هو منزلة بين منزلتين، هذا حين أمكن أن لا يلازمه (٢) .


(١) ابن نجيم، البحر الرائق: ٥ / ٣٩، باب حد القذف.
(٢) الفتاوى: ٣٥ / ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>