للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يصح نسبته إلى صاحب المذهب في التخريج.

قال الإمام الطوفي:

إذا نص المجتهد على حكم مسألة لعلة بينها فمذهبه في كل مسألة وجدت فيها تلك العلة كمذهبه فيها، لأن الحكم يتبع العلة فيوجد حيث وجدت، ولأن هذا قد وجد في كلام صاحب الشرع. ففي كلام المجتهدين كذلك أولى، لأن الله عز وجل أوجب في سياق ذمهم بأنهم يقولون {مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: ٢] .

ففهمنا من ذلك تعليل وجوب الكفارة بقول المنكر والزور على جهة العقوبة، ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الهرة: ((إنها من الطوافين)) (١)

ووجدت علة الطواف في غيرها جعلنا حكم الشرع في ذلك واحداً.

وقد روي أن قوماً على ماء لهم، مر بهم قوم آخرون فاستسقوهم فلم يسقوهم حتى ماتوا عطشاً، فضمن عمر أصحاب الماء دياتهم، فقيل لأحمد: أتقول بهذا؟ قال: إي والله، يقول عمر ولا آخذ به.

وجهه: أنه لما علل بأن عمر رضي الله عنه قاله دل على أنه يأخذ بقول عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم – في كل حكم ما لم يمنه مانع، وأن قول الصحابي عنده حجة مطلقاً (٢) .

مسألة: إذا نص المجتهد على حكم مسألة ولم يبين العلة:

فلا يحكم بحكم تلك المسألة في غيرها من المسائل وإن أشبهتها؛ يعني المسألة المنصوص عليها وغيرها في الصورة.

وجهه: لأن ذلك إثبات مذهب له بالقياس بغير جامع، ولجواز ظهور الفرق للمجتهد لو عرضت عليه المسألة التي لم ينص على حكمها _ أي لو عرض على المجتهد المسألتان – التي نص على حكمها وغيرها لجاز أن يظهر له الفرق بينهما؛ فيثبت الحكم فيما نص عليه دون غيره، وحينئذ لا يجوز لنا أن نثبت له حكماً يجوز أن يبطله بظهور الفرق له.

وإذا نص المجتهد على حكمه في مسألة وسكت عن مسألة أخرى تشبهها فلم ينص على حكم فيها.

فلم يجز له أن ينقل حكم المنصوص عليها إلى المسكوت عنها.


(١) رواه مالك في الموطأ: ١ / ٢٣؛ وأحمد: ٥ / ٣٠٣؛ وأبو داود برقم (٧٥) ؛ والترمذي برقم (٩٢) ، وغيرهم.
(٢) الطوفي، شرح مختصر الروضة، ص ٦٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>