كذلك إذا نص على المسألتين بحكمين مختلفين – لم يجز أن ينقل حكم إحداهما إلى الأخرى ويخرجه قولاً له فيها ... والأولى جواز ذلك، وقد وقع النقل والتخريج في مذهبنا (الحنابلة) ، فقال في المحرر في باب ستر العورة: "ومن لم يجد إلا ثوباً نجساً صلى فيه وأعاد "نص عليه.
- ونص فيمن حبس في موضع نجس فصلى أنه لا يعيد فيتخرج فيهما روايتان، وذلك أن طهارة الثوب والمكان كلاهما شرط في الصلاة.
- وقد نص في الثوب النجس أنه لا يعيد؛ فينقل حكمه إلى المكان ويتخرج فيه مثله.
- ونص في الموضع النجس على أنه لا يعيد، فينقل حكمه إلى الثوب النجس، فيتخرج فيه مثله، فلا جرم صار في كل واحدة من المسألتين روايتان: إحداهما بالنص. والأخرى بالنقل.
من ذلك ما جاء في باب الوصايا: ومن وجدت له وصية بخطه عمل بها. نص عليه.
- ونص فيمن كتب وصية وختمها وقال: اشهدوا بما فيها أنه لا يصح.
فتخرج المسألتان على روايتين، ووجه الشبه بين المسألتين أن في كل واحدة منهما وجدت وصية بخطه، وقد نص فيهما على حكمين مختلفين فيخرج الخلاف في كل واحدة منهما بالنقل والتخريج.
الفرق بين النقل والتخريج:
فائدة: كثيراً ما يقع في كلام الفقهاء: في هذه المسألة قولان بالنقل والتخريج.
ويقولون: يتخرج أن يكون كذا، وتتخرج على هذه المسألة، أو في هذه المسألة تخريج.
فيقال: ما الفرق بين التخريج، وبين النقل والتخريج.
الجواب: أن النقل والتخريج يكون من نص الإمام بأن ينقل عن محل إلى غيره بالجامع المشترك بين محلين، والتخريج يكون من قواعده الكلية.
واعلم: أن التخريج أعم من النقل لأن التخريج يكون من القواعد الكلية للإمام أو الشرع أو العقل، لأن حاصله أنه بناء فرع على أصل بجامع مشترك كتخريجنا على قاعدة: تفريق الصفقة – فروعاً كثيرة، ومع قاعدة (تكليف ما لا يطاق) أيضاً فروعاً كثيرة في أصول الفقه وفروعه.
وأما النقل والتخريج: فهو مختص بنصوص الإمام (١) .
(١) الطوفي: ٣ / ٦٤٤.