للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقه النوازل عند فقهاء الحنفية

تعريف النوازل: هي المسائل والوقائع المستجدة والحادثة، وكانت تعرف عند فقهاء الحنفية (بواقعات المفتين) ، والواحدة منها تدعى (بواقعة الفتوى) ، وتسمى بلسان أهل العصر (بالنظريات) ، وهنالك مصنفات لكل من فقهاء الحنفية والمالكية حملت هذا الاسم منذ وقت مبكر في نشأة المذهب، حتى أناطوها (بفقه التخريج) ، لذلك وصفوا تلك المصنفات أنها في المرتبة الثالثة ... بعد كتب (ظاهر الرواية) وتعرف (بالأصل) ثم مسائل النوادر والتي إسنادها في الكتب غير ظاهري أي لم تنتقل برواية الثقاة من فقهاء المذهب، حتى قالوا: الأصول ستة في مذهب أبي حنيفة كالصحيحين في الحديث، والنوادر كالسنن الأربعة، واشتهر عنهم أن المتون كالنصوص متقدمة على ما في الشروح، وما فيها متقدم على ما في (الفتاوى) ، وهو مخلوط بآراء المتأخرين (١) .

قال ابن عابدين: أعلم أن مسائل أصحابنا الحنفية على ثلاث طبقات:

الأولى: مسائل الأصول وتسمى ظاهرة الرواية، وهي مسائل مروية عن أصحاب المذهب.

الثانية: مسائل النوادر، وهي المروية عن أصحابنا لكن لا في كتب الأصل.

الثالثة: الواقعات: وهي مسائل استنبطها المجتهدون المتأخرون لما سئلوا عنها ولم يجدوا فيها رواية؛ وهم أصحاب أبي يوسف ومحمد وأصحاب أصحابهما وهلم جرا.

وقد يتفق لهم أن يخالفوا أصحاب المذهب لدلائل وأسباب ظهرت لهم. وأول كتاب جمع في فتاويهم فيما بلغنا (كتاب النوازل) لأبي الليث السمر قندي (- ٣٧٣ هـ) جاء في مقدمته: "وسميته فتاوى النوازل لأنه هو تحلّى بمسائل الفتاوى "، جمع فيه فتاوى مشايخه ومشايخ شيوخه، ثم جمع المشايخ بعده كتباً أخرى، كمجموع النوازل والواقعات للناطفي، والواقعات للصدر الشهيد.

ثم ذكر المتأخرون هذه المسائل مختلطة، كما في فتاوى قاضي خان وغيره، وميز بعضهم كما في محيط رضي الدين السرخسي فإنه ذكر أولاً مسائل الأصول ثم النوادر، ثم الفتاوى (٢) .

وقال الدهلوي: وقسم هو تخريج المتأخرين اتفق عليه جمهور الأصحاب، وحكمه: أنهم يفتون به على كل حال، وقسم هو تخريج منهم لم يتفق عليه جمهور الأصحاب وحكمه: أن يعرض المفتي على الأصول والنظائر من كلام السلف فإن وجده موافقاً لها أخذه به وإلا تركه كمحمد بن سماعة، ومحمد بن مقاتل الرازي، وعلي بن موسى القمي، ومحمد بن مسلم، وشداد بن حكم، نصير بن يحيى البلخي.


(١) المرجاني، ناظورة الحق، ص ٥.
(٢) ابن عابدين، الحاشية: ١ / ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>