للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهج فقهاء الأحناف في التخريج

وقال في منهج فقهاء الحنفية في التخريج:

إن ما خالف فيه الأصحاب إمامهم الأعظم لا يخرج عن مذهبه إذا رجحه المشايخ المعتبرون، وكذا ما بناه المشايخ على العرف الحادث لتغير الزمان أو للضرورة ونحو ذلك لا يخرج عن مذهبه أيضاً، لأن ما رجحوه لترجيح دليله عندهم مأذون به من جهة الإمام، وكذا ما بنوه على تغير الزمان والضرورة باعتبار أنه لو كان حيًّا لقال بما قالوه – لأن ما قالوه إنما هو مبني على قواعده أيضاً – فهو مقتضى مذهبه، لكن ينبغي أن لا يقال: قال أبو حنيفة كذا إلا فيما روي عنه صريحاً.

وإنما يقال فيه: مقتضى مذهب أبي حنيفة كذا ... ومثله تخريجات المشايخ بعض الأحكام من قواعده أو بالقياس على قوله.

ومنه قولهم: وعلى قياس قوله بكذا يكون كذا ... فهذا كله لا يقال فيه: قال أبو حنيفة.

نعم؛ يصح بأن يسمى مذهبه بمعنى أنه قال أهل مذهبه، أو مقتضى مذهبه.

والظاهر أن نسبة المسائل المتخرجة إلى مذهبه أقرب من نسبة المسائل التي قال بها أبو يوسف ومحمد عليه؛ لأن (المسائل) المخرجة مبنية على قواعده وأصوله.

وأما المسائل التي قال بها أبو يوسف ونحوه من أصحاب الإمام فكثير منها مبني على قواعد لهم خالفوا فيها قواعد الإمام، لأنهم لم يلتزموا قواعده كلها.

ومنها: أن التخريج على كلام الفقهاء، وتتبع لفظ الحديث لكل منهما أصل أصيل في الدين (١) .

فمن كان من أهل الحديث ينبغي أن يعرض ما اختاره وذهب إليه على رأي المجتهدين من التابعين، ومن كان من أهل التخريج ينبغي له أن يجعل من السنن ما يحترز به من مخالفة الصريح الصحيح، ومن القول برأيه فيما فيه حديث أو أثر بقدر الطاقة.


(١) الدهلوي، حجة الله البالغة: ١ / ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>