للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النازلة السابعة – جواز بناء المسجد على القبور الدائرة:

وسئل أبو سعيد بن لب (١) عن البناء على المقابر، مثل أن يبنى عليها مسجد أو صومعة؟.

فأجاب: أما مسألة البناء على المقابر؛ بناء مسجد أو صومعة، فقد قال مالك في مقبرة داثرة بني فيها مسجد يصلى فيه: لا بأس به، وإنما أباحوه في الداثرة دون الجديدة، لأنها يخاف في الجديدة نبش العظام، وذلك لا يجوز، فإن أمن من ذلك بأن يكون البناء فوق القبور دون حفر يصل إلى مواضع العظام فذلك جائز، وما في الحديث من النهي عن اتخاذ القبور مساجد، فإنما ذلك مخافة أن تعبد القبور، كما كان اتفق لمن سلف قبل هذه الأمة، أما إذا كان المقصود عبادة الله مع الأمن من ذلك الخوف في هذه الأزمنة، فلا حرج إلا من ناحية نبش العظام خاصة (٢) .

إن هذه الصورة من بناء المساجد على القبور الداثرة، لا يتعدى إليها حكم أصلها في النهي عن اتخاذ القبور مساجد، لعدم تحقق العلة فيها وهي مخافة أن تعبد القبور، فإذا كان المقصود عبادة الله مع الأمن من ذلك الخوف، جاز ذلك، بالإضافة إلى أن الداثرة لا يخاف فيها نبش العظام بخلاف الجديدة، وكل ذلك يعرف بعد تحقيق المناط بمعنى العلة.


(١) هو فرج بن قاسم بن أحمد بن لب، أبو سعيد التغلبي الغرناطي، من الفقهاء، انتهت إليه رياسة الفتوى في الأندلس، ولي الخطابة بجامع غرناطة، له كتاب في (الباء الموحدة) والأجوبة الثمانية، وأرجوزة في الألغاز النحوية، ورسالتان في الفقه؛ (الأعلام: ٥ / ١٤٠؛ نيل الابتهاج، ص ٢١٩) .
(٢) الونشريسي، المعيار المعرب: ٧ / ٢٠٤ – ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>