للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا تحقيق للمناط في الأحكام بالنظر إليها باعتبار حال دون حال، ووقت دون وقت، أي بإدخال عنصر الزمان والمكان والحال، فقد يكون الشيء حكمه الأصلي الإباحة فينقلب إلى واجب أو حرام، مثلاً باعتبار تحقق مقصده منه، أو عدمه، وكذلك في نازلتنا هذه دخلت عوامل أخرى اقتضت من المجتهد أن ينظر إليها باعتبار مآل الحكم فيها عند التطبيق.

هذه جملة من التطبيقات الفقهية أوردناها كما هي، حتى تكون نموذجاً لكيفية إعمال أصل تحقيق المناط عند ابتغاء تنزيل الأحكام الشرعية العامة المجردة على الوقائع النازلة في حياة الناس، أفراداً وجماعة، وهو منهج في التنزيل كثيراً ما يغفل عنه من أوكل إليه هذا الأمر، فيعمد إلى تطبيق الحكم الشرعي العام المجرد على الوقائع دون التفات إلى ملابسات الواقعة، وما تقتضيه من استثنائها من حكمها الأصلي، أو اندراجها تحت حكم آخر أكثر مناسبة لها في تحقيق مقصود الحكم فيها، إلى غير ذلك من أنظار قد يتطلبها الاجتهاد بالقضاء، أو الفتوى، أو غير ذلك من أغراض تطبيق الأحكام الشرعية في واقع الناس، بما يؤدي إلى ضبط أقوالهم، وأفعالهم، ومختلف تصرفاتهم، وفق ضوابط الشريعة ومقاصدها، بما يجعل حياة الناس على استقامة، وصلاح في الدنيا، وفوز ونعيم في الآخرة، وهذا ما تبتغيه الشريعة السمحة من تشريع مختلف أحكامها، سواء أكانت اعتقادية أم عملية.

<<  <  ج: ص:  >  >>