للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلحة الجزئية – والمصلحة الكلية في المسائل:

ثبت أن الشريعة تشتمل على مصلحة جزئية في كل مسألة، وعلى مصلحة كلية في الجملة.

أما المصلحة الجزئية: بما يعرب عنها دليل كل حكم وحكمته.

وأما المصلحة الكلية: فهي أن يكون الملف داخلاً تحت قانون معين من تكاليف الشرع في جميع تصرفاته، اعتقاداً وقولاً وعملاً (١) .

وقال ابن القيم:

والمفتي مخبر عن الحكم الشرعي، وهو إما مخبر عما فهمه عن الله ورسوله. . .

وإما مخبر عما فهمه عن كتاب أو نصوص من قلده دينه. وهذا لون، وهذا لون.

فكما لا يسع الأول أن يخبر عن الله ورسوله إلا بما علمه؛ فكذا لا يسع الثاني أن يخبر عن إمامه الذي قلده دينه إلا بما يعلمه (٢) .

ما يشترط في الاستنباط من النصوص أو من المعاني:

الاجتهاد إن تعلق بالاستنباط من النصوص – فلا بد من اشتراط العلم بالعربية.

وإن تعلق بالمعاني – من المصالح والمفاسد – إنما يلزم العلم بمقاصد الشرع من الشريعة جملة وتفصيلا خاصة.

وجه هذا القول:

لأن المعاني المجردة، العقلاء مشتركون في فهمها فلا يختص بذلك لسان دون غيره. إذاً من فهم مقاصد الشرع من وضع الأحكام، وبلغ رتبة العلم بها، وإلى هذا النوع يرجع الاجتهاد المنسوب إلى أصحاب الأئمة المجتهدين كابن القاسم وأشهب في مذهب مالك.

وأبي يوسف ومحمد بن الحسن في مذهب أبي حنيفة.

والمزني والبويطي في مذهب الشافعي.

فإنهم – على ما حكي عنهم – يأخذون أصول إمامهم وما بني عليه في فهم ألفاظ الشريعة، ويفرعون المسائل ويصدرون الفتاوى على مقتضى ذلك – وقد قبل الناس أنظارهم وفتاويهم وعملوا على مقتضاها – خالفت مذهب إمامهم أو وافقته.

وإنما كان كذلك لأنهم فهموا مقاصد الشرع في وضع الأحكام (٣) .

تعلق الاجتهاد بالمناط:

وقد يتعلق الاجتهاد بتحقيق المناط؛ فلا يفتقر في ذلك إلى العلم بمقاصد الشارع، كما أنه لا يفتقر فيه إلى معرفة علم العربية.

والوجه في ذلك:

لأن المقصود من هذا الاجتهاد إنما هو العلم بالموضوع على ما هو فيه، وإنما يفتقر فيه إلى العلم بما لا يعرف ذلك الموضوع إلا به من حيث قصدت المعرفة، فلابد أن يكون المجتهد عارفاً ومجتهداً من تلك الجهة التي ينظر فيها؛ ليتنزل الحكم الشرعي على وفق ذلك المقتضى (٤) .


(١) الشاطبي، الموافقات: ٤/ ١٣١.
(٢) ابن القيم، إعلام الموقعين: ٤ / ٤٣٥.
(٣) الشاطبي، الموافقات: ٤ / ١٦٤.
(٤) الشاطبي، الموافقات: ٤ / ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>