للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل: أنه إنما يلزم في هذا الاجتهاد المعرفة بمقاصد المجتهد فيه. فالحكم الشرعي أن من يعتريه المرض، أو يتأخر برؤه بسبب استعمال الماء، يرخص له التيمم.

فإذا أردنا معرفة الحكم الشرعي لمريض يرخص له أو لا يرخص. . . فإننا لا نحتاج إلى اللغة العربية، ولا مقاصد الشرع في باب التيمم فضلاً عن سائر الأبواب، إنما يلزم أن نعرف بالطريق الموصل، هل يحصل ضرر فيتحقق المناط؟ أم لا؟. .

ما يجوز النظر فيه وما لا يجوز:

ضابطه: إنك تعرض مسألتك على الشريعة، فإن صحت في ميزانها فانظر في مآلها بالنسبة إلى حال الزمان وأهله.

فإن لم يقد ذكرها إلى مفسدة فاعرضها في ذهنك على العقول، فإن قبلها فلك أن تتكلم فيها:

إما على العموم إن كانت مما تقبلها العقول على العموم.

وإما على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم، وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغ – فالسكوت عنها هو الجاري على وفق المصلحة الشرعية والعقلية (١) .

فيما يتعلق بالمجتهد من جهة فتواه:

المجتهد في فتواه مخبر عن الله كالنبي، ونائب عن النبي في تبليغ الأحكام، وهو شارع من وجه لأن ما يبلغه من الشريعة، إما منقول عن صاحبها، وإما مستنبط من المنقول، فالأول يكون فيه مبلغاً.

والثاني يكون فيه قائماً مقام صاحب الوحي في إنشاء الأحكام، وإنشاء الأحكام إنما هو للشارع.

فإذا كان للمجتهد إنشاء الأحكام بحسب نظره واجتهاده فهو من هذا الوجه شارع واجب اتباعه على وفق ما قاله. . .

- وبالجملة فالمفتي – في فتواه – مخبر عن الله كالنبي (٢) .

وعليه، فالمفتي هو المتمكن من درك أحكام الوقائع على يسير من غير معاناة تعلم، وإنما تحصل درجة الاجتهاد لمن اتصف بوصفين:

إحداهما: فهم مقاصد الشريعة.

الثاني: التمكن من الاستنباط بناءً على فهمه فيها (٣) .

المنهج في الفتوى والاجتهاد:

قال الشاطبي: المفتي البالغ ذروة الدرجة: هو الذي يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يتعلق بالجمهور.

- فلا يذهب مذهب الشدة، ولا يميل بهم إلى طرق الانحلال.


(١) الشاطبي، الموافقات: ٤ / ١٩١.
(٢) الشاطبي، الموافقات، ٤ / ٢٤٥.
(٣) الشاطبي، الموافقات: ٤ / ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>