قال محرر هذا البحث: ويعني بكبرى قياس الشكل الأول القضية الثانية التي يكون فيها الحد الوسط موضوعاً، وهو نفسه المحمول في الصغرى التي تكون أولى في الترتيب.
وموضوع الصغرى هو الجزئي المقصود للتعرف على حكمه في النتيجة. وهاتان القضيتان تعتبران مقدمتين تنشأ عنهما النتيجة المطلوبة في الشكل الأول من الأشكال الأربعة المنتجة، أما قوله الأوصاف الطردية والمعتبرة؛ فيعنى بالطريدية الأوصاف التي لا تصلح مناطاً للحكم، فهي مطرودة عن العلية أو التي لا تنبني على وجودها أو فقدها ثمرة. أما الوصف المعتبر فهو المناسب الذي تترتب عليه الأحكام ويصلح للعلية.
وهذا الكلام نفيس جداً، فهو ينبه على أن المفتي لا بد أن يكون بصيراً بالواقع، مدركاً لجزئيات الوقائع، حتى يستطيع تطبيق الأحكام والقواعد الفقهية، فحفظ المسائل الفقهية لا يكفي إذا لم يكن الفقيه قادراً على تطبيقها على الواقع، وقادراً على الاستنباط من القواعد، وقد شبه حفيد ابن رشد الفقيه الذي يحفظ المسائل ببائع الخفاف الذي عنده خفاف كثيرة لكنه ليس خفافاً؛ لأنه لا يحسن أن يصنع خفافاً لمن لا يوافق قدمه ما عنده من الخفاف (١) .
ومعرفة الواقع تارة يعبرون عنها بالعرف حتى لا يطبق الحكم في غير محله، حيث إن الحكم مبني على عرف تدور معه الفتوى فيغفل عنه، فيخطئ في التطبيق. وتارة يعبرون عنه بتحقيق المناط وهو حسن تطبيق القاعدة على أحاد صورها، ولذلك نقول كلمة عن هذين الدليلين اللذين يشترك فيهما المجتهد والمقلد.
بأي شي تكون الفتوى؟
- الأصل في الفتوى أن تكون بالكتاب أو بالسنة الثابتة نصاً أو ظاهراً أو اقتضاء أو إيماء – أو إشارة إلى مفهوم موافقة أو مخالفة عند الثلاثة خلافاً لأبي حنيفة، وتكون الفتوى بالقياس على أصل قائم من الكتاب والسنة والقياس، الذي لا يختلف فيه القائلون بالقياس هو قياس العلة منصوصة أو مستنبطة لوجود مناسب معتبر مؤثراً أو ملائماً، وكذلك عن طريق السبر والتقسيم والدوران طرداً وعكساً على الأصح.