للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الكلام يدل على أن الذي يجري العمل هم علماء الترجيح، ولعل بذلك يفسر قول النابغة في شروطه إجراء العمل:

رابعها كون الذي أجرى العمل

أهلاً للاقتداء قولاً وعمل

ومع إنكار أبي بكر الطرطوشي للحجر على القاضي والمفتي وتقيده بمذهب أو بقول، خلص معتبراً ذلك جهلاً من أهل قرطبة، وقال: "لا يلزم واحداً ممن يعتزى إلى مذهب، تقليد ذلك في الحكم وألف توى " (١) .

- يجب التنبيه على أن العمل لا يجري إلا في مقابل قول: فإذا وجد قول واحد فلا يقال جرى به العمل، وقد نبه على ذلك شارح العمل المطلق في توجيه رد ابن عات في الطرر على ما في المتيطية من قولها: وجرى به القضاء قال في الطرد: وقوله: "وبالأول جرى خطأ "قال السجلماسي: وبيان وجه الخطأ والله أعلم أنه لا يقال في القول معمول به إلا في مقابلة قول أهمل ولم يؤخذ به. .. فلا يقال في القول الواحد جرى العمل به (٢) . .

- العمل لا بد له من قول يعتمد عليه، فهو ترجيح من الخلاف وليس إنشاء لرأي جديد مستقل، لأن صاحبه ليس مجتهداً، ولهذا طعنوا في بعض المسائل التي جرى بها العمل، بأنها لا تستند إلى قول المذهب، وقد ردوها بذلك، فمن ذلك مسألة عقلة المدعى فيه بمجرد الدعوى التي جرى بها عمل فاس.

حيث قال سيدي عبد الرحمن الفاسي:

وكل مدع للاستحقاق

مكن من الإثبات بالإطلاق

من غير أن يشهد ذلك أحد

له فشرط ذاك ليس يعتمد

وقد رد هذا العمل أبو علي سيدي الحسن بن رحال قائلاً: إن هذا العمل لا مستند له، ولا يوجد قول في المذهب يوافقه، قال: "والعمل إنما يجري بقول وإن كان ضعيفاً".

وقالوا: إن مجرد الدعوى لا يعقل به مال أحد حتى ينضم إليه سبب شاهد عدل، أو مرجو تزكية ولطخ شهود غير عدول (٣) .


(١) يراجع كلامه في نشر البنود: ٢ / ٣٣٢؛ ويراجع كتاب (فقه النوازل (للعلامة الشيخ بكر أبو زيد: ١ / ٢٤.
(٢) السجلماسي: ٢ / ١٠٢.
(٣) والكلام لابن فرحون في التبصرة: ١ / ١٧٩ بالمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>