للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسئل الشاطبي رحمه الله عن الاشتراك في الألبان وخلطها لإخراج الزبد والجبن فتختلف النسبة ويجهل التساوي، فقال: إنه لا يعرف فيه نصاً بعينه ولكنه أجازه لقوله تعالى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] وذلك في شأن الأيتام واعتبر هذا النوع من الشركة من المخالطة رفعاً للحرج واغتفر للغرر اليسير والربا اليسير قائلاً: "وله نظائر في الشرع كبيع العارية بخرصها تمراً، أو رد القيراط على الدرهم في البيع "وبناها على الرفق ودفع الحرج (ولا حرج في الدين) .

وذلك ما في العتبية من سماع ابن القاسم عن مالك: "عن معاصر زيت الجلجلان والفجل، يأتي هذا بأرادب، وهذا بأخرى، حتى يجتمعوا فيه فيعصرون جميعها، فقال مالك) : إنما يكره هذا، لأن بعضه يخرج أكثر بعض، فإذا احتاج الناس إلى ذلك فأرجو أن يكون خفيفاً، لأن الناس لابد لهم مما يصلحهم والشيء الذي لا يجدون عنه بدًّا، فأرجو أن يكون لهم في ذلك سعة إن شاء الله – ولا أرى به بأساً. قال: والزيتون مثل ذلك ".

"قال ابن رشد: خففه للضرورة إلى ذلك، إذ لا يتأتى عصر اليسير من الجلجلان والفجل على حدة مراعاة لقول من يجيز التفاضل في ذلك من أهل العلم، قال: وهذا من نحو إجازتهم للناس خلط أذهابهم في الضرب بعد تصفيتها ومعرفة وزنها، فإذا خرجت من الضرب أخذ كل منهم على حسب ذهبه وأعطى الضراب أجرته " (١)

- إنها أمثلة لتطبيق قاعدة رفع الحرج، والتخفيف فيما يصلح الناس في مقابل المزابنة المحرمة بالنص، وقد ذكر ذلك في مقابل قاعدة الشك في التماثل كتحقيق التفاضل.

وفي جواب لسيدي محمد بن مرزوق في مسألة مقدار الدراهم اليسيرة التي يبيعها الحاضن هل هي دراهم شرعية أو من دراهمنا؟

فقال في جوابه: ولا يتوقف مع النصوص في هذا بل في اليسير والكثير إلى عرف الناس (٢) .

وفي جواب للبرزلي في مسألة نكاح يتنازع في صحته، وقد وجه صحته قائلاً: لأن الأصل عدم التعدي والإقدام على المحرمات وإمضاء العقود وعدم التعرض لحلها إلا بالوجه المحقق، وأجراه على القاعدة المعلومة في العقود المحتملة للصحة والفساد فيها قولان، والمشهور إنها محمولة على الفساد، أو تحمل على الاختلاف في دعوى الصحة والفساد، والمشهور قول مدعي الصحة (٣) .

كقول قاضيخانة: الرهن أمانة عند المرتهن كالوديعة فبكل فعل يغرم المودع يغرم المرتهن، لكن بالهلاك لا يغرم المودع ويسقط في الرهن.

وفي كل موضع لا يغرم المودع، كذلك المرتهن والوديعة لا يودع ولا يعار ولا يؤجر فكذا الرهن لا يرهن ولا يؤجر ولا يعار، وليس له أن يودع من ليس في عياله (٤) .


(١) المعيار: ٥ / ٢١٥ وما بعدها.
(٢) المعيار: ٥ / ٢٩١.
(٣) المعيار: ٤ / ٣٣٦ وما بعدها.
(٤) بهامش الفتاوى الهندية:٦ / ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>