وهكذا نجد الحداثة متصلة - في مبدئها ونشأتها - بالعلمانية، ونجدها كذلك متصلة - في تطورها التاريخي - بالاستعمار ثم بالعولمة.
وكان أهم عنصر من عناصر الحداثة تعرض لإعادة النظر فيه هو العلمانية، ومن هنا انتهى بعضهم إلى القول إنه:(على عكس ما كان يتصور أنصار الحداثة الغربية؛ من أن مشروعها الحضاري، الذي يقوم على الفردية والعقلانية والوضعية والعلم والتكنولوجيا، سيؤدي بالتدريج إلى تهميش الدين واحتلاله موقعًا ثانويًّا في المجتمع الحديث، فإن وقائع العقود الماضية، وما نراه من عودة للمقدس في الوقت الراهن يشير إلى سقوط نبوءة أنصار الحداثة)(١) .
ومثلما بُولِغ في علمانية الحداثة؛ كذلك بُولِغ في رد الفعل والعودة إلى الدين: فظهرت في عدد من البلاد حركات دينية تقوم على الغلو والتعصب وسوء الفهم للدين وللكتب المقدسة، مثل: الجماعات المسيحية اليهودية، أو الصهيونية، عند الإنجليين وخاصة في الولايات المتحدة، ومثل أعمال الإرهاب بين الكاثوليك والبروتستانت في أيرلندا الشمالية، ومثل قيام دولة عنصرية دينية على أساس من أساطير بعض الكتب الدينية المحرفة ونبوءاتها، وربما كان أوضح مثال على ذلك دولة إسرائيل في فلسطين المحتلة.
(١) السيد ياسين، مقال الأهرام المُشار إليه سابقًا.