للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول أبو حامد الغزالي (١) : (ولو لم يكن في مجاري هذه الكلمات إلا ما يشكك في اعتقادك الموروث، لتنتدب للطلب، فناهيك به نفعًا، إذ الشكوك هي الموصلة إلى الحق، فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والضلال) .

وليس من شك في أن كل ذلك لا يستدعي بالضرورة

(نزع المقدس من أي فكرة تعتقدها البشرية ... ) كما ذهب إليه بعض أنصار الحداثة. وسنعود في الصفحات التالية إلى معنى هذه العبارة لنستوفي الحديث عن موضوعها.

أما العنصر الثاني - الذي أشرنا إليه - من عناصر الحداثة ومقوماتها، وهو تحكيم العقل في كل ما يتصل بالإنسان وكل ما يعرض له، فما أكثر الدعوة إليه في كتاب الله وفي أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، وعند علمائنا ومفكرينا، وهو مبثوث في أمهات كتبنا. وقد عد العلامة الباكستاني الدكتور محمد عباس عبد السلام رحمه الله تعالى (الحائز لجائزة نوبل في علوم الطبيعة) سبعمائة وخمسين آية في القرآن الكريم، هي في صميمها حث للمسلم على التأمل في الطبيعة واستعمال العقل لفهمها واستعمال المهارة لتسخيرها (٢) .

وقد تكررت في القرآن آيات تحض على العقل (٣) وتنتهي بقوله تعالى: { ... أَفَلَا تَعْقِلُونَ} و { ... لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} و { ... إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} و { ... لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ، أو ما يتصل بذلك من ألفاظ العقل.

وكذلك تكررت فيه آيات تدعو إلى التفكير (٤) ، وتنتهي بقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} و {أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} و {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} .


(١) ميزان العمل، ص١٥٣، دار الحكمة، دمشق، بيروت، ١٩٨٦م.
(٢) انظر: أسامة أحمد سامح الخالدي، ويوسف أحمد الشيراوي، معنى التكنولوجيا، ص١٧، دلمون للنشر، نيقوسيا - قبرص، ١٩٩٥م.
(٣) نحو خمس وأربعين آية.
(٤) نحو سبع عشرة آية.

<<  <  ج: ص:  >  >>