للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التلفيق بين المذاهب الفقهية:

القائلون بجوار التلفيق: منهم قالوا به على الإطلاق، ومنهم بشروط منها:

الأول: ما ذكره ابن الهمام في تحريره: أنه إن عمل المقلد بحكم من أحكام مذهبه الذي يقلده لا يرجع عنه ويقلد مذهبًا آخر، وفي غير ما عمل به له أن يقلد غيره من المجتهدين.

الثاني: ما نقله ابن الهمام عن القرافي واعتمد عليه في تحريره: أن لا يترتب على تقليد من قلده أولًا ما يجتمع على بطلانه كلا المذهبين.

الثالث: أن لا يتبع الرخص ويلتقطها، وهذا الشرط اعتبره الإمام النووي وغيره. لكن ابن الهمام لم يعتبره ولم يلتفت إليه (١) .

وقد عبر عن عملية التلفيق هذه في كتب الفقه الإمامي بالتبعيض، وفي ذلك يقول اليزدي في (العروة الوثقى) : (مسألة ٣٣: إذا كان هناك مجتهدان متساويان في العلم كان للمقلد تقليد أيهما شاء، ويجوز التبعيض في المسائل) .

هذا وليس القول بجواز التلفيق مطلقًا، وإنما هو مقيد في دائرة معينة، فمنه ما هو باطل لذاته، كما إذا أدى إلى إحلال المحرمات كالخمر والزنى ونحوهما، ومنه ما هو محظور لا لذاته، بل لما يعرض له من العوارض، وهو ثلاثة أنواع (٢) :

أولها: تتبع الرخص عمدًا: بأن يأخذ الإنسان من كل مذهب ما هو الأخف أو الأهون عليه، بدون ضرورة أو عذر، وهذا محظور سدًا لذرائع الفساد بالانحلال من التكاليف الشرعية.

الثاني: التلفيق الذي يستلزم نقض حكم الحاكم، لأن حكمه يرفع الخلاف درءًا للفوضى.

الثالث: التلفيق الذي يستلزم الرجوع عما عمل به تقليدًا، أو عن أمر مجمع عليه لازم لأمر قلده.


(١) بحث التلفيق، للشيخ خليل الميس، مجلة المجمع: ٨/١/١٦٥، ومن مراجعه الكمال ابن الهمام: التقرير والتحبير: ٣/٣٥٠ - ٣٥١.
(٢) تمييز الفتاوي عن الأحكام للقرافي، ص٥٠، ورسم المفتى لابن عابدين: ١/٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>