يستحب الخروج من الخلاف، باجتناب ما اختلف في تحريمه، وفعل ما اختلف في وجوبه، إن قلنا: كل مجتهد مصيب، لجواز أن يكون هو المصيب، وكذا إن قلنا: إن المصيب واحد، لأن المجتهد إذا كان خلاف ما غلب على ظنه، ونظر في متمسك مخالفة فرأى له موقعًا، فينبغي له أن يراعيه على وجه، وكذا الخلاف بين المجتهدين إذا كان أحدهم إمامًا، لما في المخالفة من الخروج على الأئمة.
وقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه عاب على عثمان رضي الله عنه صلاته بمِنًى أربعًا وصلى معه، فقيل له في ذلك فقال: الخلاف شر.
وجعل العز بن عبد السلام الخلاف على أقسام:
١ - أن يكون في التحليل والتحريم، فالخروج من الخلاف بالاجتناب أفضل.
٢ - أن يكون الخلاف في الاستحباب والإيجاب، فالفعل أفضل.
٣ - أن يكون الخلاف في الشرعية، كقراءة البسملة في الفاتحة، فإنها مكروهة عند مالك واجبة عند الشافعي، وكذلك صلاة الكسوف على الهيئة المنقولة في الحديث فإنها سنة عند الشافعي، وأنكرها أبو حنيفة، فالفعل أفضل.
والضابط أن مأخذ الخلاف: إن كان في غاية الضعف فلا نظر إليه، لاسيما إذا كان مما ينقض الحكم بمثله، وإن تقاربت الأدلة بحيث لا يبعد قول المخالف كل البعد، فهذا مما يستحب الخروج منه، حذرًا من كون الصواب مع الخصم (١) .