للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قوله: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا (بالثاء المثلثة) ، ويروى كبيرًا (بالباء الموحدة) ، قال النووي: وينبغي الجمع بينهما وهو بعيد، بل الأولى تنزيله على اختلاف الأوقات، فنقول هذا مرة، وهذا مرة (١) .

هذا وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية مشروعية العمل بما ثبت على صورتين، أي بما هو من قبيل (اختلاف التنوع) كلما أمكن ذلك، على أن يجتنب التركيب باستحداث صورة جامعية لم يرد الشرع بها.

وقد قال في ذلك: أصح القواعد: أن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال، إذا كانت مأثورة أثرًا يصح التمسك به، لم يكره شيء من ذلك، يشرع ذلك كله كما قلنا في أنواع صلاة الخوف، وفي نوعي الأذان: الترجيح وتركه، ونوعي الإقامة: شفعها وإفرادها، وكما قلنا في أنواع التشهدات، وأنواع الاستفتحات، وأنواع الاستعاذات، وأنواع القراءات، وأنواع تكبيرات العيد الزوائد، وأنواع صلاة الجنازة، وسجود السهو، والقنوت قبل الركوع وبعده، والتحميد بإثبات الواو وحذفها، وغير ذلك، ولكن قد يستحب بعض هذه المأثورات، ويفضل على بعض إذا قام دليل يوجب التفضيل، ولا يكره الآخر.

ومعلوم أنه لا يمكن للمكلف أن يجمع في العبادة المتنوعة بين النوعين في الوقت الواحد، لا يمكنه أن يأتي بتشهدين معًا، ولا بصلاتي الخوف معًا، وإن فعل كل ذلك مرة واحدة كان ذلك منهيًّا عنه، فالجمع بين هذه الأنواع محرم تارة ومكروه تارة أخرى.

ولا تنظر إلى من قد يستحب الجمع في بعض ذلك، مثل ما رأيت بعضهم قد لفق ألفاظ الصلوات المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، واستحب فعل ذلك الدعاء الملفق (٢) .

ارتفاع الخلاف بحكم الحاكم أو بتصرف الإمام:

يرتفع الخلاف في الوقائع المختلف في حكمها، إذا حكم فيها القاضي بما لا يخالف النص أو الإجماع، فيصبح الحكم فيها كالمجمع عليه، فلا يحق لأحد نقضه، وهذا في الحادثة التي فيها دعوة صحيحة، وإلا كان فتوى لا حكمًا (٣) .


(١) المنثور: ٢/١٤٢ - ١٤٦.
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية: ٢٤/٢٤٢.
(٣) الموسوعة الفقهية: ٢/٣٠١؛ ومن مراجعها: حاشية ابن عابدين: ٣/٣٦١و٣٧٣؛ والفتاوى الهندية: ٣/٣١١ - ٣١٣ والأشباه والنظائر للسيوطي ١٠١؛ ولابن نجيم بحاشية الحموي: ١/١٤١؛ ومعين الحكام، ص٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>