وكذلك لو تصرف الإمام أو نائبه باختيار أحد الأقوال المعتبرة فيما تختلف فيه الاجتهادات، فإنه لا ينقض ما فعله، ويصبح كالمتفق عليه، وهذا بالنسبة لما مضى، أما في المستقبل فله أن يتصرف تصرفًا مغايرًا بحسب اقتضاء المصلحة، قال ابن تيمية:(إذا كانت المسألة من مسائل الاجتهاد التي شاع فيها النزاع؛ لم يكن لأحد أن ينكر على الإمام، ولا على نائبه من حاكم أو غيره ولا ينقض ما فعله الإمام ونوابه من ذلك. ولكن يسوغ بيان الحق الذي عليه اتباعه، وإن كان فيه بيان خطأ من أخطأ الفقهاء من العلماء والأمراء) .
وهناك فرصة من خلال أحد أعمال مجلس وزراء العدل العرب وهو وضع قانون موحد للأحوال الشخصية، والسبيل هنا هو أن يراعى في اللجان التي تدرس هذه الزمرة أن تكون من المعنيين بمقارنة المذاهب، وأخذ المسائل الخلافية بالاعتبار في ضوء مقاصد الشريعة، ومنها حفظ النسل.
وفي هذه الحالات لا بد من مراعاة مقتضى الاختيار من ولي الأمر لأحد الاتجاهات للتطبيق الإلزامي حيث يسوغ، وهو ما كان ذا طابع عملي (لا علمي) ، وكان هادفًا للمصلحة الغالبة، ووقع فيه التخصيص لواحد من الاتجاهات المستوفية لصفات الاعتبار، وإن هذا التخصيص للعمل - مع ترك المجال العلمي طليقًا - كفيل بإيجاد الاستقرار ونزع فتيل التنازع.
ويلحظ أن المسائل الخلافية في باب المعاملات قليلة، والسبب في ذلك تشعب الخلاف في هذه الزمرة، واشتمال المذاهب على أقاويل عديدة فيها، بحيث حصل التلاقي بينها وندر الانفراد، وهذا ما يسهل اختيار حكم يقع الإلزام به ولا يسري هذا الأمر على العبادات إلا ما كان فيه شبه بالمعاملات كالزكاة.
على أن الأساس في هذه الزمرة مراعاة مصالح الناس المعتبرة، وهي ما لا يصادمه نص أو قاعدة شرعية، ويكون محققًا لمقاصد الشريعة، هي حفظ المال.