للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل مجتهد مصيب أو (المصيب واحد غير معين) :قال الحجاوي: اعلم أن الأمة لها قولان:

القول الأول: أن كل مجتهد مصيب في الفروع التي لا قاطع فيها، وهو قول ضعيف المدرك كما هو مبين في الأصول، وعليه فكل المجتهدين على هدى من ربهم.

القول الثاني: أن المصيب واحد. قال الشيخ أحمد بن مبارك اللمطي: قد اتفق أصحاب هذا القول على أنه غير معين، فما قاله السبكي في الطبقات من أن المصيب هو الشافعي مستدلًا بدلائل لا تفيده ليس بصواب، بل مخالف للإجماع المنعقد على أن الصواب إما مع الكل، أو مع واحد لا بعينه. نعم لكل أهل مذهب أن يرجحوا بما ينقدح في فكرهم من الدلائل، لكن لا يجزمون، ولا يخطئون غيرهم.

وأما عياض في (المدارك) فإنه ذهب إلى الترجيح لمذهب مالك بالوجوه التي بينها دون الجزم بصوابية واحد، وتخطئة سواه، فهو خرق للإجماع بل مخالف للمعقول، لأنه في المعنى كالوصف بالصحة لشخص هو نفسه اعترف بالخطأ في مسائل، فإن الشافعي له القول القديم والجديد، فأيهما أحق بالصواب؟ هذا مما لا معنى له (١) .

ثم نقل الحجوي عن ابن القيم قوله في (إعلام الموقعين) : إن هؤلاء الذين يرجحون مقلدون لا خبرة لهم بالأدلة، فكيف يتوصلون لمعرفة الراجح، ولو كانوا مجتهدين، ما ساغ لهم التقليد الذي يوجب عليهم الترجيح.

وقد آل الأمر بأرباب المذاهب ذوي التعصب المذهبي إلى الهمز واللمز، وذلك كله تعصب ذميم.


(١) الفكر السامي للحجوي: ٤/٤٤٥؛ ومن الأمثلة في التحامل على المذاهب ما جاء في نظرية العقد من الفقه الجعفري، ص١٣؛ والمراجعات، ص٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>