وإذ قد تم شرح كلمات شاعت بين الناس بشأن الوحدة الإسلامية، نبدأ الحديث حول (معالم الوحدة) ، ونريد بها أصول الوحدة وأركانها ومقوماتها التي لا تتم الوحدة الإسلامية، ولا تستقر على قرار، ولا تقوم على ساقٍ إلا بها، وأهمها أمور:
١ - القومية الإسلامية، أو الأمة الواحدة الإسلامية:
وقد نطق الكتاب والسنة بها، ودعوا إليها وأكدا على توثيقها. قال تعالى:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: ٩٢] وفي آية أخرى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}[المؤمنون: ٥٢] ، فقد خاطب الله المسلمين بأنهم أمة واحدة في ظل ربوبية الله التي تلزمهم عبادته وتقواه، وأن هذه الأمة قوامها الإيمان بالله والتسليم له. وهناك من المفسرين من وجه الخطاب إلى الأنبياء المذكورين قبله، فحول الآيتين إلى أن خطة الأنبياء واحدة، وهي الإيمان بربوبيته والتسليم لطاعته، وهي تعبير عن وحدة الأديان السماوية الشاملة للمسلمين وغيرهم من أهل الكتاب، فهي وحدة أوسع فوق وحدة الأمة الإسلامية.
وجدير بالذكر أن الأمة والإمام من مادة واحدة، قوامها الاتباع، فبينهما نوع من التلازم والمناسبة، فالإمام من له أتباع، والأمة هي الجماعة الذين يتبعون إمامًا، فالجماعة المتشتتة الأهواء، الذين ليس لهم إمام يستسلمون له لا يقال لهم (أمة) . ومن هذا المنطلق تختص هذه الكلمات بأهل الأديان والنحل، فأتباع كل نبي أمة يرأسها كأمة موسى، وأمة عيسى، وأمة محمد صلوات الله عليهم.
وقد جعلهم القرآن أممًا شتى، وسمى كل واحدة باسم فقال:{ ... وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[المائدة: ٦٩] .