وحبذا لو أن المسلمين يدربون أطفالهم على هذه القومية، ويلقنونهم إياها منذ نشأتهم، مستمرين عليها إلى آخر أيامهم، كما يلقنونهم التوحيد والنبوة وغيرهما من الأصول الاعتقادية، لكي يمتزج اعتقادهم بتلك الأصول، مع الإحساس بأنهم مع من اعتقد بما اعتقدوا به يشكلون جميعًا أمة واحدة، فيعتزون بها فوق اعتزازهم بأسرتهم وقبيلتهم وشعبهم ووطنهم ومذهبهم، وأية مزية أخرى يعتزون بها، ويتذكرون دائمًا أنهم قبل كل شيء أمة مسلمة. ثم لا يغلب شيء من هذه العلاقات والمميزات الفارقة بينهم - مهما كانت موضع اهتمامهم واعتزازهم - ذلك الإحساس الطيب المتعالي بأنهم أمة مسلمة، بل يبقى في نفوسهم ويتبلور في قلوبهم حيًّا طريًّا، جيلًا بعد جيل إلى آخر الأبد.
فعلى الآباء والأمهات في بيوتهم، وعلى المعلمين والشيوخ في مدارسهم وكُتابهم، وعلى الأساتذة في صفوفهم الجامعية، وعلى الخطباء والأئمة من على منابرهم وفي فترات مواعظهم، وعلى الكُتاب والباحثين والمؤرخين والقُصاص فيما يكتبون ويبحثون، وعلى الفنانين فيما يرسمون ويخلقون، وعلى الشعراء فيما ينشدون من الشعر والأناشيد، عليهم جميعًا تنمية هذا الإحساس الطيب، والعاطفة القومية المقدسة، بما عندهم من الصناعة، بتذكار مفاخر الإسلام وبطولات المسلمين وأبطالهم في الحروب والفتوحات الواسعة في شرق العالم وغربه، كفتح الأندلس وغيرها، وكذلك بذكرى الشهداء الذين استشهدوا في سبيل الله، والأبنية والآثار الباقية المُشرقة من المساجد والمدارس والزوايا والقصور والدور هنا وهناك وغيرها من أعمال المسلمين، فيترنمون بها في أناشيدهم مثل أنشودة:(الشرق لنا والغرب لنا) .