ثم فرض على العلماء والحكام والقادة وكل من يهتم بعزة الإسلام والمسلمين، أن يقفوا بكل قوتهم أمام الجهود المضادة، والمساعي المبذولة من دون حد - من قبل الغربيين والمستشرقين منذ قرنين أو أكثر، وكذلك على يد الأجيال الناشئين من الطلبة المسلمين في جامعات أوروبة وأمريكا - في سبيل تجديد القوميات السابقة، وإيقاظ فكرة القومية في نفوس المسلمين، لكي يستبدلوا القومية الإسلامية بتلك القوميات، فيخلقوا من الأمة الإسلامية الواحدة أممًا شتى، ومن الشعب المسلم الواحد والقومية الإسلامية الواحدة شعوبًا وقوميات لا علاقة لهم بالإسلام، فيعتزون بها بدل الاعتزاز بالإسلام. وهذه الجهود تتزايد وتتضاعف عند الشعوب المسلمة كل يوم كادت أن تغلب عليها بيد أعداء الإسلام، رجاء أن يُبعدوا المسلمين عن دينهم وأمتهم، فيتفرقوا أممًا بعد أن جعلهم الإسلام أمة واحدة، وهذا من أكبر التحديات في العصر الحاضر للإسلام والمسلمين، وفي القرن القادم، والكلام في هذا ذو شجون، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ومع ذلك كله فيحلوا لنا مسرورين الاعتراف بأن القومية الإسلامية لا تزال - رغم تلك الأمواج الهائلة والجهود المُضادة - مرتكزة في خَلَد المسلمين، وتتوسع وتتزايد في هذه السنين، ولاسيما بعد نجاح الثورة الإسلامية المباركة في الجمهورية الإسلامية في إيران، وعلى أثر جهود رجال مخلصين في أنحاء العالم ولله الحمد وله الشكر.