للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الاطّلاع بدوره يتوقف على معرفة الشعوب المسلمة جغفرافيًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا والإحاطة بجميع شؤونهم، وبإمكانياتهم مما له دخل في سعادتهم أو خسرانهم، في رقيهم أو تخلفهم، فإذا تمت هذه المعرفة وحصل ذلك الاطلاع ورسخت تلك المسؤولية في القلوب، فسوف لا يستريح أحدهم نهارًا ولا ينام ليلًا إلا وشغله هم إخوانه في أرجاء العالم، من أي شعب ومذهب وقبيلة كانوا، فلا قرار له إذا سمع الأخبار البشعة التي بلغته عن المسلمين في البوسنة والهرسك، والصومال والسودان - كما حدثت قبل سنين - أو ما يجري اليوم في أفغانستان، وباكستان، والجزائر، وفلسطين، وكوسوفو وغيرها، من القتال والدمار بأيدي الأعداء، أو بأيدي المسلمين أنفسهم - مع الأسف - فيقتل بعضهم بعضًا، ويخرجه من داره وأرضه ويخرب بيوتهم، وإلى الله المستعان.

وفي مثل هذه الفتن والاقتتال بين المسلمين بالذات، أعلن القرآن مسؤولية المسلمين بالتدخل حيث قال: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: ٩] ، فهل المسلمون قاموا بواجبهم أمام ما يجري الآن بين إخوانهم هنا وهناك؟

ويجب علينا ألا ننسى أن كثيرًا من هذه الأمور والمسؤوليات إنما هي على عاتق الحكومات قبل الشعوب، وأن الشعوب إنما يتمكنون من أن يقوموا بواجبهم إذا قامت به حكوماتهم، وهذا ما سنبحثه عند البحث عن الوحدة السياسية عند المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>