والحكم الإسلامي - وكذلك الحاكم الإسلامي، جزء مهم من الفقه الإسلامي جاءت فيه شروطهما ووظائفهما، وخص العلماء من المذاهب الإسلامية كتبًا باسم (الأحكام السلطانية) بالحكم الإسلامي، يُعبر عنه في الوقت الحاضر بـ (الفقه السياسي) ، ولا ننكر أن هذا الفقه صار نسيًا منسيًّا في القرون الأخيرة عند أكثر المشتغلين بالفقه، إلا أن هذه الفكرة المقدسة تجددت في بعض الأقطار الإسلامية من قبل رجال غيارى على عزة الإسلام والمسلمين، ومن أقدمهم وأبرزهم أثرًا الحكيم والفيلسوف الكبير السيد جمال الدين الأفغاني (الأسد آبادي) وأصحابه وتلاميذه وأبناء مدرسته، ثم تجلت الفكرة، واستمرت، واستحكمت، وبذلت في سبيلها جهود ثقافية وسياسية، حتى نجحت في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بزعامة إمام وفقيه كبير: الإمام الخميني (رحمه الله) - ولله الحمد - ويرجى نجاحها في غيرها من البلاد.
ونحن في هذه الفرصة القيمة نكتفي في مجال الحكم الإسلامي بتذكار أمور:
منها: أن الحكم الإسلامي في طبيعته ليس له شكل خاص محدد في الكتاب والسنة وفي الفقه الإسلامي بالذات، وفي كثير من النواحي يساير ويتفاعل ويتعايش مع أشكال الحكم عند الآخرين، وإنما يفارقها ويتميز عنها بشرطين أساسيين:
الأول: أن تجري الأمور فيه طبقًا للشريعة الإسلامية ورعاية ما تقرر في الفقه الإسلامي من الشروط سواء في الحاكم: من الفقه، والعدالة والقدرة على تدبير الأمور وغيرها، أو في كيفية الحكم؛ ومن أهمها: البيعة الشرعية مع الحاكم ومشاورة الحاكم أهل الحل والعقد. وبناء على ذلك فمن شروط الحكم الإسلامي وجود الفقيه في كيان الحكم، مباشرة أو إشرافًا بشكل من الأشكال - من دون صورة محددة - صونًا للحكم عن مجراه الإسلامي. وفي تجربة (الجمهورية الإسلامية) درس للآخرين.