للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يزيل طغيانهم إنما هو تغليب روح السماحة والإنصاف على نفوس العلماء ثم الأتباع من كل مذهب، وهذا ما يعبر عنه بـ (التقريب بين المذاهب الإسلامية) ، والذي بذلت وتبذل جهود في سبيله، ولنا أعمال في هذا المجال؛ من محاضرات وكتب ومنشورات ومؤتمرات نداولها دائمًا بعون الله تعالى.

ونكتفي هنا بعرض موجز من البحث الذي قدمناه إلى (لجنة تنسيق العمل الإسلامي المشترك) المنعقد بطهران. ركزنا فيه على أمور:

الأول: أن المذاهب الإسلامية - رغم اختلافها في الفروع والمسائل الجانبية - متفقة في الأصول التي تشكل جوهر الإسلام، والتي من اعتقد والتزم بها فهو مسلم، ومن أنكرها جميعًا أو أشتاتًا فليس بمسلم.

الثاني: أن معظم الاختلاف بينها نشأ من الاجتهاد في فهم الكتاب والسنة، أو في توثيق نصوص السنة، أو في قواعد الاستنباط، أو في تبيين تلك الأصول والتفريع عليها، ولا دخل للسياسة والأهواء في هذا الاختلاف، وإن غذتها أحيانًا للغلبة على الرقباء.

الثالث: أن المراد بالمذاهب الإسلامية التي نتحدث عن التقريب بينها، هي المذاهب المعروفة عند أهل السنة والشيعة، التي لها أصول مدونة من فقه وكلام وحديث وتفسير وغيرها من العلوم الإسلامية، وهي لا تتجاوز ثمانية مذاهب.

وأما الفرق الشاذة التي توجد هنا وهناك، فهي إما مبتدعة رأسًا - وهي قليلة جدًّا - أو متشعبة ومنحرفة عن إحدى المذاهب المعروفة، وعندهم آراء وتقاليد لا تشبه الأصول الإسلامية، ونحن لا نسلبهم اسم الإسلام، بل ندعوهم إلى اللحوق والرجوع إلى أحد المذاهب المعترف بها.

الرابع: يجب على أئمة كل من هذه المذاهب بيان أصول مذهبهم، وعرضها على العلماء من سائر المذاهب، كي يطلعوا على الفوارق بينهم، وأنها لا تختلف في الأصول والأسس.

الخامس: أن لا يخلطوا الأصول بالفروع عندهم، فيجعلوا ما اختص بهم من الفروع في زمرة الأصول - وقد حدث - فإن ذلك يخرج المذاهب عن كونها مذاهب، ويؤول أمرها إلى حسبانها أديانًا مختلفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>