للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن الآن وراث هذا التراث المضطرب المتلاطم المتخاصم، في عصر يسمى بعصر النور والتعايش السلمي والحوار بين الأديان، وبين الحضارات، وعيب علينا أن لا نعالج هذا الفراغ والشقة عندنا مع وجود مشتركات كثيرة بيننا، والآن حان الحين لندخل في التعريف بأعلام الوحدة والتقريب.

بُذلت جهود في سبيل الوحدة في القرن الثالث والرابع عشر الهجري في البلاد الإسلامية، لاسيما في شبه القارة الهندية، وفي بعض الأقطار من إفريقيا، ولا نعلم عنها شيئًا كثيرًا، ولا مجال إلا لذكر القليل منها:

السيد جمال الدين الأفغاني الأسدآبادي، والأستاذ الإمام محمد عبده، وأبناء مدرستهما:

وأبرز من قام ودعا إلى الوحدة الإسلامية في الأقطار الإسلامية، ولاسيما في الهند وإيران ومصر وإسطنبول، هو السيد جمال الدين الأسد آبادي المعروف بالأفغاني، والحديث عن هذه الشخصية الفريدة طويل لا مجال للخوض فيه هنا، وإنما نكتفي ببعض جوانبه.

إنه كان يُصر على إيقاظ المسلمين من غفلتهم، والصمود أمام المستعمرين وعلى رأسهم إنكلترا، وفي خلالها كان يتحدث عن الوحدة الإسلامية، وأما التقريب بين المذاهب، فلم نجد أثرًا منه سوى إدانة الاختلافات، وسوى أنه ظهر بين مريديه بمظهر المجتهد الذي يعمل برأيه ولا يقلد مذهبًا خاصًا، وأيضًا يتجه إلى فتح باب الاجتهاد، وقد نقل بعدة وسائط عن الشيخ حسن البنا - رحمه الله - أنه كان حاضرًا إحدى جلسات دار التقريب في بداية تأسيسها، حيث كانوا يبحثون عن اسم لها، فاقترح هو نقلًا عن السيد جمال الدين أنه كان يُعبر عن ذلك بالتقريب بين المذاهب، فسموها دار التقريب بين المذاهب الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>