للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإمام عبده يعتبر الحلقة الثانية بعد السيد الأفغاني في هذه السلسلة. والذين جاهدوا في سبيل توسيع نطاق الفقه، وفتح باب الاجتهاد على مستوى المذاهب في مصر، كلهم أو جلهم كانوا من تلاميذ محمد عبده، وفي طليعتهم - كما علمنا - الشيخ مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر، الذي كانت له جهود في فتح باب الاجتهاد، وفي تطوير الجامع الأزهر إلى جامعة أزهرية، كما كان له اهتمام بالوحدة والقرب من طائفة الشيعة، ومن ذلك أنه دعا الشيخ عبد الكريم الزنجاني العالم الشيعي من النجف الأشرف إلى القاهرة، وفسح له المجال في نشر دعوته الإصلاحية والوحدوية الذي اقترح في بعض رسائله على المراغي فكرة مشروع مجلس أعلى إسلامي للنظر في أحوال المسلمين (١) .

ثم وصلت النوبة إلى رجال تأخروا قليلًا عن الشيخ مصطفى المراغي، وكان بعضهم من تلاميذه، ومن أبرزهم علمًا وجهادًا المغفور له الشيخ عبد المجيد سليم شيخ الجامع الأزهر الأسبق، فقد قام هذا الإمام بدعوة مهمة؛ هي التقريب بين المسلمين، هو مع جماعة من معاصريه وتلاميذه وعلى رأسهم المغفور له الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر الأسبق. من حسن التصادف أن سافر من إيران إلى القاهرة في ذاك الوقت عالم كبير مثقف بالثقافة الحوزوية الدارجة والثقافة الجامعية الجديدة، ألا وهو الإمام الشيخ محمد تقي القمي رحمه الله، فالتقى بهؤلاء الشيوخ وعرف بعضهم بعضًا، وقويت الصداقة بينهم بعد أن مكث في القاهرة طويلًا، وكانوا جميعًا يهتمون بأمور المسلمين ومشكلاتهم، وعلى رأسها الاختلاف السائد بينهم، فاتفقوا على عمل جماعي؛ وهو تأسيس دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، فنشر بيانهم التأسيسي في البلاد الإسلامية، وثنوه بنشر مجلد باسم رسالة الإسلام التي كان العلامة القمي مدير مسؤوليها، والعلامة الشيخ عبد العزيز عيسى رحمه الله القائم بأعمالها، وكان بيني وبينهما في إيران وفي القاهرة اتصال وصداقة.


(١) خطاب الوحدة، لزكي ميلاني، ص١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>