وما إن نشر البيان، ووصل العدد الأول من رسالة الإسلام إلى العراق وإيران ولبنان وغيرها من العواصم الإسلامية إلا وكان لها رد صوت والتلبي بالقبول والتقدير من قبل رجال العلم وأئمة الدين. وكان في طليعتهم المرجع الأعلى للشيعة الإمامية في إيران آية الله السيد حسين البروجردي الطبطبائي، فمنذ أن سمع هذا النداء لباها بأحسن تلبية، واتصل به العلامة القمي في إيران، وشرح له أهداف وأعمال دار التقريب، كما عرفه القائمين بها، فاعتنق السيد رحمه الله هذه الدعوة وقواها بكل ما كان في إمكانه ماديًّا ومعنويًّا، وطبعًا كان له اقتراحات على دار التقريب وقعت موقع القبول.
ومن جملة حمايته لها أن شرح الهدف منها للطلبة، سواء في مجالس درس الفقه التي كانت يحضرها ما يقارب ألف عالم، أو في جلساته الخاصة في بيته. كما كان يقترح مصرًّا على الطلبة بالرجوع إلى روايات الجمهور وأقوالهم وآرائهم، وفي هذا الصدد كان مصممًا على درج روايات أهل السنة في موسوعة حديثية كانت تؤلف تحت إشرافه باشتراك جماعة كنت أنا واحدًا منهم، ولكنه لم يوفق لذلك، ومما أبدى من الرأي في هذا السبيل قوله: إن روايات وأقوال أئمة أهل السنة هي المادة الأصلية للفقه، وكان شائعًا بين الناس، وكان فقه أئمة أهل البيت في هامشها يتعرض لها نفيًا أو إثباتًا، وتخطئة أو تصويبًا، وإن معرفة الجو الذي صدرت فيه روايات أهل البيت عليهم السلام لازمة في فهم رواياتهم وفتاويهم، ولاسيما في عهد الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام، فكان بدء نشوء الفقه بصورة مدونة، وعلى شرف ظهور المذاهب الفقهية.