للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الرابع

(إن أمتكم أمة واحدة) (١)

لقد أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحنفية السمحة، أرسله هاديًّا مرشدًا ومعلمًا مصلحًا جامعًا لا مفرقًا، وخلال ثلاث وعشرين سنة تم له ما أراد بإذن ربه، والآيات الآتية توضح منهجه وطريقته صلى الله عليه وسلم في جمع العرب المتناحرين والمتفرقين، وتوضح كيف أزال الإسلام الفوارق بين الطبقات وجعلها أمة واحدة، ودعا إلى وجوب الاجتماع وعدم الفرقة، فقال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الأنبياء: ٩٢] .

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يرضى لكم ثلاثًا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم))

(٢) .

وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣] ، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: ١٥٩] ، وقال سبحانه: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٠٥] ، وقال عز وجل: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: ٤٦] ، ومن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سار الصحابة وسار بعدهم السلف الصالح، وكان الاختلاف بينهم يسيرًا، كان سبب ذلك هو التفاوت في فهم النصوص، وجاء الأئمة من العلماء والفقهاء واجتهدوا لتقريب مفهوم الكتاب والسنة إلى أفهام الناس، وكانوا يقولون: (لا يجوز لأحد أن يقول بقولنا حتى يعلم دليلنا) ، ويقول أحدهم ما معناه: ((إذا وجدتم دليلًا يعارض قولي فاضربوه عرض الحائط)) .


(١) عن مجلة الدعوة السعودية، العدد (٦٤٣) في ١١/٤/١٣٩٨هـ (بتصرف) .
(٢) رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>